[الرحمن الرحيم] من أسماء الله سبحانه وتعالى
مواطن ورود الاسم في القرآن الكريم
ذكر
اسم "الرحمن" 57 مرة
وذكر
اسم "الرحيم" 115 مرة
6 مرات اسم "الرحمن" مع اسم "الرحيم"
51 مرة منفردا .
ولم
يقترن إﻻ مع اسم "الرحيم"فقط .
سميت
سورة فى القرآن باسم (الرحمن )
أكثر
السور التي ذكر فيها اسم (الرحمن ) هي سورة مريم
مكانة
اسم [الرحمن،الرحيم]
هما
اسمان جليلان كثر ورودهما في القرآن الكريم
قال
تعالى:" الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ( طه:5)
وقال
" وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43)" الأحزاب
لهذين
الاسمين شأن كبير و مكانة عظيمة ،
فهما
الاسمان اللذان افتتح الله بهما أم القرآن
و جعلهما
عنوان ما أنزله من الهدى و البيان ،
و ضمنهما
الكلمة التي لا يثبت لها شيطان .
وافتتح
بها كتابه نبي الله سليمان عليه السلام ،
و كان
جبريل عليه السلام ينزل بها على النبي صلى الله عليه و سلم عند افتتاح كل سورة من القرآن .
فقه
الأسماء الحسنى - عبد الرزاق البدر
المعنى
اللغوي
تدور
مادّة (ر ح م) حول معنى الرّقّة والعطف والرّأفة،
يقول
ابن فارس:
الرّاء
والحاء والميم أصل واحد يدلّ على الرّقّة والعطف والرّأفة.
يقال
من ذلك رحمه يرحمه إذا رقّ له وتعطّف عليه
وترحّم
عليه: دعا له بالرّحمة.
واسترحمه:
سأله الرّحمة.
وأمّ
الرّحم مكّة،
والمرحومة: من أسماء مدينة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم .
والرّحم
علاقة القرابة،
↩ثمّ سمّيت رحم الأنثى رحما من هذا؛ لأنّ منها ما
يكون ما يرحم ويرقّ له من ولد.
كتاب
نضرة النعيم - فصل الرحمة
الرحمة
اصطلاحا
قال
الجرجانيّ:
هي إرادة
إيصال الخير
وقال
الجاحظ:
الرّحمة
خلق مركّب من الودّ والجزع،
والرّحمة
لا تكون إلّا لمن تظهر منه لراحمه خلّة مكروهة،
فالرّحمة
هي محبّة للمرحوم مع جزع من الحال الّتي من أجلها رحم.
وقال
الكفويّ:
الرّحمة
حالة وجدانيّة تعرض غالبا لمن به رقّة القلب وتكون مبدأ للانعطاف النّفسانيّ الّذي
هو مبدأ الإحسان.
نضرة
النعيم - فصل الرحمة
الرحمة
تقتضي الحزم لا الإهمال
قال
ابن القيّم- رحمه الله تعالى-:
إنّ
الرّحمة صفة تقتضي إيصال المنافع والمصالح إلى العبد،
↩وإن كرهتها نفسه وشقّت عليها.
فهذه
هي الرّحمة الحقيقيّة.
فأرحم
النّاس من شقّ عليك في إيصال مصالحك ودفع المضارّ عنك.
فمن
رحمة الأب بولده: أن يكرهه على التّأدّب بالعلم والعمل، ويشقّ عليه في ذلك بالضّرب
وغيره، ويمنعه شهواته الّتي تعود بضرره،
ومتى
أهمل ذلك من ولده كان لقلّة رحمته به، وإن ظنّ أنّه يرحمه ويرفّهه ويريحه.
↩فهذه رحمة مقرونة بجهل
ولهذا كان من تمام رحمة أرحم الرّاحمين تسليط أنواع
البلاء على العبد،
فابتلاؤه له وامتحانه ومنعه من كثير من أغراضه وشهواته
من رحمته به
نضرة
النعيم - فصل الرحمة
معاني كلمة " الرحمة " في القرآن الكريم
لفظ
" الرحمة " في القرآن ورد على عدة معان :-
- ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻫﻲ (ﺻﻔﺔ) ﺍﻟﻠﻪ ﺟﻼ ﻭﻋﻼ، ﺗﺜﺒﺖ ﻟﻪ ﻋﻠﻰ
ﻣﺎ ﻳﻠﻴﻖ ﺑﺠﻼﻟﻪ ﻭﻋﻈﻤﺘﻪ
ﻣﻦ ﺫﻟﻚ
ﻗﻮﻟﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ: { ﻭﺭﺣﻤﺘﻲ ﻭﺳﻌﺖ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ } (ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ:156)،
ﻭﻗﻮﻟﻪ
ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ:
{ﻭﺭﺑﻚ ﺍﻟﻐﻨﻲ ﺫﻭ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ} (ﺍﻷﻧﻌﺎﻡ:133).
ﻭ(ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ)
ﻛـ (ﺻﻔﺔ) ﻟﻠﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻫﻲ ﺍﻷﻛﺜﺮ ﻭﺭﻭﺩﺍً ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ.
- ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺑﻤﻌﻨﻰ (ﺍﻟﺠﻨﺔ)
ﻣﻦ ﺫﻟﻚ
ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ:
{ﺃﻭﻟﺌﻚ ﻳﺮﺟﻮﻥ ﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ} (ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ:218)،
ﺃﻱ:
ﻳﻄﻤﻌﻮﻥ ﺃﻥ ﻳﺮﺣﻤﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ، ﻓﻴﺪﺧﻠﻬﻢ ﺟﻨﺘﻪ ﺑﻔﻀﻞ ﺭﺣﻤﺘﻪ ﺇﻳﺎﻫﻢ.
- ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺑﻤﻌﻨﻰ (ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ)
ﻣﻦ ﺫﻟﻚ
ﻗﻮﻟﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ:
{ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻳﺨﺘﺺ ﺑﺮﺣﻤﺘﻪ ﻣﻦ ﻳﺸﺎﺀ} (ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ:105)
ﻗﺎﻝ
ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺃﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ: ﻳﺨﺘﺺ ﺑﺮﺣﻤﺘﻪ: ﺃﻱ: ﺑﻨﺒﻮﺗﻪ، ﺧﺺَّ ﺑﻬﺎ ﻣﺤﻤﺪﺍً ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ
ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ.
- ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺑﻤﻌﻨﻰ (ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ)
ﻣﻦ ﺫﻟﻚ
ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ:
{ﻗﻞ ﺑﻔﻀﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺑﺮﺣﻤﺘﻪ ﻓﺒﺬﻟﻚ ﻓﻠﻴﻔﺮﺣﻮﺍ} (ﻳﻮﻧﺲ:58).
ﻓـ
(ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ) ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻵﻳﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ.
ﻭﻫﺬﺍ
ﻣﺮﻭﻱ ﻋﻦ ﺍﻟﺤﺴﻦ ﻭﺍﻟﻀﺤﺎﻙ ﻭﻣﺠﺎﻫﺪ ﻭﻗﺘﺎﺩﺓ.
- ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺑﻤﻌﻨﻰ (ﺍﻟﻤﻄﺮ)
ﻣﻦ ﺫﻟﻚ
ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ:
{ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺮﺳﻞ ﺍﻟﺮﻳﺎﺡ ﺑﺸﺮﺍ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ ﺭﺣﻤﺘﻪ} (ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ:57)،
ﻗﺎﻝ
ﺍﻟﻄﺒﺮﻱ: ﻭ(ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ) ﺍﻟﺘﻲ ﺫﻛﺮﻫﺎ ﺟﻞ ﺛﻨﺎﺅﻫﺎ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻮﺿﻊ: ﺍﻟﻤﻄﺮ.
- ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺑﻤﻌﻨﻰ (ﺍﻟﻨﻌﻤﺔ ﻭﺍﻟﺮﺯﻕ)
ﻣﻦ ﺫﻟﻚ
ﻗﻮﻟﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ:
{ﺃﻭ ﺃﺭﺍﺩﻧﻲ ﺑﺮﺣﻤﺔ} (ﺍﻟﺰﻣﺮ:38)
ﻗﺎﻝﺍﻟﺸﻮﻛﺎﻧﻲ:
ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ: ﺍﻟﻨﻌﻤﺔ ﻭﺍﻟﺮﺯﻕ.
- ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺑﻤﻌﻨﻰ (ﺍﻟﻨﺼﺮ)
ﻣﻦ ﺫﻟﻚ
ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ:
{ﻗﻞ ﻣﻦ ﺫﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺼﻤﻜﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻥ ﺃﺭﺍﺩ ﺑﻜﻢ ﺳﻮﺀﺍ
ﺃﻭ ﺃﺭﺍﺩ ﺑﻜﻢ ﺭﺣﻤﺔ} (ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ:)
ﻗﺎﻝ
ﺍﻟﻘﺮﻃﺒﻲ: ﺃﻱ: ﺧﻴﺮﺍً ﻭﻧﺼﺮﺍً ﻭﻋﺎﻓﻴﺔ.
- ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺑﻤﻌﻨﻰ (ﺍﻟﻤﻐﻔﺮﺓ ﻭﺍﻟﻌﻔﻮ)
ﻣﻦ ﺫﻟﻚ
ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ:
{ﻛﺘﺐ ﺭﺑﻜﻢ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ} (ﺍﻷﻧﻌﺎﻡ:54)
🔺 ﺃﻱ: ﺃﻧﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻳﻘﺒﻞ ﻣﻦ ﻋﺒﺎﺩﻩ ﺍﻹﻧﺎﺑﺔ ﻭﺍﻟﺘﻮﺑﺔ.
- ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺑﻤﻌﻨﻰ (ﺍﻟﻌﻄﻒ ﻭﺍﻟﻤﻮﺩﺓ)،
ﻣﻦ ﺫﻟﻚ
ﻗﻮﻟﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ:
{ﻣﺤﻤﺪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﻟﺬﻳﻦ ﻣﻌﻪ ﺃﺷﺪﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﺭﺣﻤﺎﺀ
ﺑﻴﻨﻬﻢ} (ﺍﻟﻔﺘﺢ:29)،
ﻗﺎﻝ
ﺍﻟﺒﻐﻮﻱ: ﻣﺘﻌﺎﻃﻔﻮﻥ ﻣﺘﻮﺍﺩﻭﻥ ﺑﻌﻀﻬﻢ ﻟﺒﻌﺾ، ﻛﺎﻟﻮﻟﺪ ﻣﻊ ﺍﻟﻮالدً.
-ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ
ﺑﻤﻌﻨﻰ (ﺍﻟﻌﺼﻤﺔ)
ﻣﻦ ﺫﻟﻚ
ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ:
{ﺇﻥ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻷﻣﺎﺭﺓ ﺑﺎﻟﺴﻮﺀ ﺇﻻ ﻣﺎ ﺭﺣﻢ ﺭﺑﻲ} (ﻳﻮﺳﻒ:53)،
ﻗﺎﻝ
ﺍﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ: ﺃﻱ: ﺇﻻ ﻣﻦ ﻋﺼﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ.
-ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ
ﺑﻤﻌﻨﻰ (ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ)
ﻣﻦ ﺫﻟﻚ
ﻗﻮﻟﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ:
{ﺇﻥ ﺭﺣﻤﺖ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺴﻨﻴﻦ} (ﺍﻷﻋﺮﺍﻑ:56)،
ﻗﺎﻝ
ﺳﻌﻴﺪ ﺑﻦ ﺟﺒﻴﺮ: ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﻫﺎ ﻫﻨﺎ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ.
-ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ
ﺑﻤﻌﻨﻰ (ﺇﺟﺎﺑﺔ ﺍﻟﺪﻋﺎﺀ)
ﻣﻦ ﺫﻟﻚ
ﻗﻮﻟﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ:
{ﺫﻛﺮ ﺭﺣﻤﺔ ﺭﺑﻚ ﻋﺒﺪﻩ ﺯﻛﺮﻳﺎ} (ﻣﺮﻳﻢ:2)
ﻗﺎﻝ
ﺍﻟﺸﻮﻛﺎﻧﻲ: ﻳﻌﻨﻲ ﺇﺟﺎﺑﺘﻪ ﺇﻳﺎﻩ ﺣﻴﻦ ﺩﻋﺎﻩ ﻭﺳﺄﻟﻪ ﺍﻟﻮﻟﺪ.
موقع إسلام ويب
[الرحمن الرحيم ]
المعنى في حق الله
قال ابن الأثير- رحمه الله تعالى-: في أسماء الله تعالى
«الرّحمن الرّحيم»:-
وهما اسمان مشتقّان من الرّحمة، مثل ندمان ونديم.
وهما من أبنية المبالغة ورحمن أبلغ من رحيم.
والرّحمن خاصّ بالله لا يسمّى به غيره، ولا يوصف.
والرّحيم يوصف به غير الله تعالى،
↩فيقال: رجل رحيم، ولا يقال
رحمن.
والرّحمة من صفات الذّات لله تعالى
والرّحمن وصف، وصف الله تعالى به نفسه وهو متضمّن لمعنى الرّحمة .
وقال الغزاليّ:-
يكون المفهوم من الرّحمن نوعا من الرّحمة هي أبعد من مقدورات
العباد،
↩وهي ما يتعلّق بالسّعادة
الأخرويّة.
فالرّحمن هو العطوف على العباد، بالإيجاد أوّلا،
وبالهداية إلى الإيمان وأسباب السّعادة ثانيا،
وبالإسعاد في الآخرة ثالثا،
والإنعام بالنّظر إلى وجهه الكريم رابعا.
نضرة النعيم - صفة الرحمة
الفرق بين اسم [الرحمن] واسم [الرحيم ]
فرق بعض أهل العلم بين هذين الاسمين الكريمين بالفروق التالية:
أولاً: أن اسم (الرحمن): هو ذو الرحمة الشاملة لجميع الخلائق في الدنيا، وللمؤمنين
في الآخرة.
↩وأما اسم (الرحيم): فهو
ذو الرحمة للمؤمنين
كما في قوله تعالى: { وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا
(43) } [الأحزاب].
ولكن يشكل على ذلك قوله تعالى:
{ إِن اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (143) } [البقرة]،
وقوله تعالى: { رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ
فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (66) } [الإسراء].
ثانيًا: أن اسم (الرحمن) دال على الرحمة الذاتية،
↩و(الرحيم) دال على الرحمة
الفعلية؛
يقول ابن القيم في بدائع الفوائد:
"إن (الرحمن) دال على الصفة القائمة به سبحانه
و(الرحيم) دال على تعلقها
بالمرحوم.
فكان الأول للوصف، والثاني للفعل،
فالأول دال على أن الرحمة صفته،
والثاني دال على أنه يرحم خلقه برحمته.
وإذا أردت فهم هذا فتأمل قوله:
{وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43)} [الأحزاب]،
وقوله: { إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (117) } [التوبة ].
ولم يجيء قط (رحمن بهم)
↩فعلم أن (الرحمن) هو الموصوف
بالرحمة،
(والرحيم) هو الرحيم برحمته" بدائع الفوائد.
ويقول في موطن آخر في مدارج السالكين :-
"ولم يجيء رحمن بعباده ولا رحمن بالمؤمنين؛
مع ما في اسم (الرحمن)
- الذي هو على وزن فعلان - من سعة هذا الوصف؛ وثبوت جميع معناه للموصوف به.
ألا ترى أنهم يقولون: غضبان للممتلئ غضبًا؛ وندمان، وحيران،
وسكران، ولهفان، لمن مُلِئ بذلك،
▪فبناء فعلان للسعة والشمول.
ولهذا يقرن استواءه على العرش بهذا الاسم كثيرًا،
كقوله تعالى: { الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى
(5) } [طه:5]:
{ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ} [الفرقان: 59].
فاستوى على عرشه باسم الرحمن، لأن العرش محيطٌ بالمخلوقات؛ قد وسعها،
والرحمة محيطة بالخلق؛ واسعة لهم،
كما قال تعالى: { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ } [الأعراف:
156]،
فاستوى على أوسع المخلوقات بأوسع الصفات، فلذلك وسعت رحمته
كلَّ شيء.
وفي الصحيح من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:
" لما قضى اللهُ الخلقَ كتب في كتابِه ، فهو عنده فوقَ العرشِ
: إنَّ رحمتي غلبتْ غضَبي "صحيح البخاري 3194
فتأمَّل اختصاص هذا الكتاب بذكر الرحمة؛ ووضعه عنده على العرش،
↩يفتح لك بابًا عظيمًا من
معرفة الرب - تبارك وتعالى –" ( مدارج السالكين ).
ولله اﻷسماء الحسنى - عبدالعزيز الجليل
أنواع الرحمة المضافة لله تعالى
الرحمة المضافة إلى الله تعالى نوعان:
الأول: رحمة ذاتية موصوف بها سبحانه على الوجه اللائق به
سبحانه كسائر صفاته،
↩ يجب إثباتها لله - عز وجل
- من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل.
كما قال سبحانه: { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ }
[الأعراف: 156]،
وقوله تعالى: { وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ }
[الأنعام: 133].
ولله اﻷسماء الحسنى - عبدالعزيز الجليل
أنواع الرحمة المضافة لله تعالى
الثاني: رحمة مخلوقة أنزل الله - عز وجل - منها رحمة واحدة
يتراحم بها الخلائق
وأمسك عنده تسعًا وتسعين رحمة يرحم الله بها عباده يوم القيامة
كما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم:
(إن لله مائة رحمة أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام،
فبها يتعاطفون، وبها يتراحمون، وبها تعطف الوحش على ولدها؛
وأخر الله تسعًا وتسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة)
(رواه مسلم)
ومن ذلك أيضًا ما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم :
(أن الله - عز وجل - قال عن الجنة: "أنت رحمتي أرحم بك من أشاء....
" الحديث ؛
وهذه الرحمة من باب إضافة المفعول إلى فاعله،
وهذه الرحمة ليست صفة لله تعالى، بل هي من أثر رحمته التي
هي صفته الذاتية الفعلية...
أنواع رحمة الله لعباده
ورحمة الله عز وجل لعباده نوعان:
عامة وخاصة
الرحمة العامة:
▫وهي لجميع الخلائق بإيجادهم، وتربيتهم، ورزقهم، وإمدادهم بالنعم والعطايا، وتصحيح
أبدانهم،
▪وتسخير المخلوقات من نبات وحيوان وجماد في طعامهم وشرابهم، ومساكنهم، ولباسهم،
ونومهم، وحركاتهم، وسكناتهم، وغير ذلك من النعم التي لا تعد ولا تحصى.
قال الله - عز وجل -: { رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً
وَعِلْمًا } [غافر: 7]،
يقول الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - عند هذه الآية:
"وهذه هي الرحمة العامة التي تشمل جميع المخلوقات، حتى الكفار؛
↩لأن الله قرن الرحمة هذه
مع العلم؛ فكل ما بلغه علم الله، وعلم الله بالغ لكل شيء؛ فقد بلغته رحمته؛ فكما يعلم
الكافر؛ يرحم الكافر أيضًا.
لكن رحمته للكافر رحمة جسدية بدنية دنيوية مختصة بالدنيا؛
فالذي يرزق الكافر هو الله الذي؛ يرزقه بالطعام والشراب واللباس
والمسكن والمنكح وغير ذلك".
ولله الأسماء الحسنى - عبد العزيز الجليل
الرحمة الخاصة:
وهذه الرحمة لا تكون إلا للمؤمنين
فيرحمهم الله - عز وجل - في الدنيا بتوفيقهم إلى الهداية
والصراط المستقيم، ويثيبهم عليه،
ويدافع عنهم وينصرهم على الكافرين ويرزقهم الحياة الطيبة
ويبارك لهم فيما أعطاهم،
ويمدهم بالصبر واليقين عند المصائب ويغفر لهم ذنوبهم ويكفرها
بالمصائب
ويرحمهم في الآخرة بالعفو عن سيئاتهم والرضا عنهم والإنعام
عليهم بدخولهم الجنة ونجاتهم من عذابه - عز وجل - ونقمته.
↩وهذه الرحمة هي التي جاء
ذكرها في قوله تعالى:
{ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43) } [الأحزاب: 43].
يقول الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - عن هذه الرحمة
الخاصة بعد حديثه عن الرحمة العامة:
"أما المؤمنون؛ فرحمتهم رحمة أخص من هذه وأعظم؛ لأنها رحمة
إيمانية دينية دنيوية.
ولهذا تجد المؤمن أحسنَ حالاً من الكافر، حتى في أمور الدنيا؛
لأن الله يقول:
{ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ
حَيَاةً طَيِّبَةً } [النحل: 97]
▪الحياة الطيبة هذه مفقودة بالنسبة للكفار، حياتهم كحياة البهائم..
▫لكن المؤمن إن أصابته ضراء صبر واحتسب الأجر على الله - عز وجل –
▪وإن أصابته سراء شكر فهو في خير في هذا، وفي هذا
وقلبه منشرح مطمئن".
وقال عند قوله تبارك وتعالى: { وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ
رَحِيمًا } [الأحزاب: 43]..
(قوله: { وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا } : متعلق بـ(رحيم)، وتقديم المعمول
يدل على الحصر،
فيكون معنى الآية: وكان
بالمؤمنين لا غيرهم رحيمًا.
ولكن كيف نجمع بين هذه الآية والتي قبلها: { رَبَّنَا وَسِعْتَ
كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا }[غافر: 7]،
نقول: الرحمة التي هنا غير الرحمة التي هناك. هذه رحمة خاصة
متصلة برحمة الآخرة لا ينالها الكفار؛ بخلاف الأولى.
هذا هو الجمع بينهما، وإلا فكلٌ مرحوم، لكن فرق بين الرحمة
الخاصة والرحمة العامة.
ولله الأسماء الحسنى - عبد العزيز الجليل
رحمة الله لا تعز على طالب
رحمة الله لا تعز على طالب في أي مكان ولا في أي حال .
▫وجدها إبراهيم – عليه السلام - في النار .
▪ووجدها يوسف - عليه السلام - في الجب كما وجدها في السجن .
▫ووجدها يونس - عليه السلام - في بطن الحوت في ظلمات ثلاث .
▪ووجدها موسى – عليه السلام - في اليم وهو طفل مجرد من كل قوة ومن كل حراسة ,
كما وجدها في قصر فرعون وهو عدو له متربص به ويبحث عنه .
▫ووجدها أصحاب الكهف في الكهف حين افتقدوها في القصور والدور .
فقال بعضهم لبعض:
(فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته)الكهف 16.
▪ووجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه في الغار والقوم يتعقبونهما ويقصون
الآثار.
▫ووجدها كل من آوى إليها ⤵
يأساً من كل ما سواها ،
منقطعاً عن كل شبهة في قوة ,
وعن كل مظنة في رحمة ,
قاصداً باب الله وحده دون الأبواب
من آثار صفة الرحمة - ماجد الصغير - العقيدة والحياة
إنكار المشركين لاسم "الرحمن"
إن إنكار كفاّر قريش لاسم الرّحمن هو تعنّت وجحود وعناد،
قال تعالى:{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ
قَالُوا و َمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا
(60)} [الفرقان]،
وجاء في صحيح البخاري في قصّة صلح الحديبية قوله:
فَدَعَا النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم الْكَاتِبَ، فَقَالَ
النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم:
(( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ))
قَالَ سُهَيْلٌ: أَمَّا الرَّحْمَنُ فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي
مَا هُوَ ؟ وَلَكِنْ اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ.
إنّما ذكرنا أنّه تعنّت لأنّهم كانوا يعرفون هذا الاسم الكريم،
ويدلّ على ذلك أمران:
الأوّل: آيات كثيرة ذكرت أنّهم كانوا يعرفونه،
مثل قوله تعالى:{وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ}
[الزّخرف: 20}
الثّاني: أنّه جاء ذكر اسم الرّحمن في أشعار الجاهليّة،
↩كقول سلامة بن جندب الطّهوي:
عجلتم علينا إذ عجلنا عليكم ***
وما يشأ الرّحمـن يُعقَد ويُطلق
وقد ردّ الطّبريّ بشدّة قول من قال إنّ العرب كانت لا تعرف
( الرّحمن )،
فقال:" وقد زعم أهل الغباء أنّ العرب كانت لا تعرف الرّحمن
" اهـ،
ثمّ بيّن رحمه الله أنّ
ذلك كان تعنّتا وجحودا.
فالشّاهد أنّ الله تعرّف على عباده باسم الرّحمن، حتّى إنّه
لم يتسمّ به أحدٌ من الخلق،
أمّا إطلاق أهل اليمامة لقب (الرّحمن )على مسيلمة الكذّاب
↩فهو تعنّت أيضا كتعنّت
فرعون من قبل يوم قال: أنا ربّكم الأعلى.
شرح اسم الرحمن ـ موقع نبراس الحق ـ عبدالحليم توميات
إنكار البعض صفة الرحمة الحقيقية لله
الرحمة التي أثبتها الله لنفسه رحمة حقيقية دلّ عليها السمع،
والعقل؛
أما السمع فهو ما جاء في الكتاب، والسنّة من إثبات الرحمة
لله . وهو كثير جداً؛
وأما العقل:
فكل ما حصل من نعمة، أو اندفع من نقمة فهو من آثار رحمة الله..
↩هذا وقد أنكر قوم وصف الله
تعالى بالرحمة الحقيقية،
↩وحرّفوها إلى الإنعام،
أو إرادة الإنعام،
زعماً منهم أن العقل يحيل وصف الله بذلك؛
قالوا: "لأن الرحمة انعطاف، ولين، وخضوع، ورقة؛ وهذا
لا يليق بالله عزّ وجلّ"...
تفسير ابن عثيمين
كيف الرد عليهم؟؟
الرد على من أنكر صفة الرحمة الحقيقية لله
الرد عليهم من وجهين:.
الوجه الأول:
منع أن يكون في الرحمة خضوع، وانكسار، ورقة؛
↩لأننا نجد من الملوك الأقوياء
رحمة دون أن يكون منهم خضوع، ورقة، وانكسار..
الوجه الثاني:
أنه لو كان هذا من لوازم الرحمة، ومقتضياتها↔ فإنما هي رحمة المخلوق؛
أما رحمة الخالق سبحانه وتعالى فهي تليق بعظمته، وجلاله،
وسلطانه؛ ولا تقتضي نقصاً بوجه من الوجوه..💡
ثم نقول: إن العقل يدل على ثبوت الرحمة الحقيقية لله عزّ
وجلّ،
1فإن ما نشاهده
في المخلوقات من الرحمة بَيْنها يدل على رحمة الله عزّ وجلّ؛
2ولأن الرحمة كمال؛
والله أحق بالكمال؛
3ثم إن ما نشاهده
من الرحمة التي يختص الله بها .
كإنزال المطر، وإزالة الجدب، وما أشبه ذلك . يدل على رحمة
الله...
تفسير ابن عثيمين
اسم الله الرحمن الرحيم