القاعدة الثانية
♦أسماء الله تعالى كلها
حسنى♦
حسنى على وزن فعلى، وهذه
الكلمة تأنيث من أحسن،
مثل: كبرى، وصغرى، فهما
تأنيث أكبر وأصغر،
الذي هو اسم تفضيل
يدل على كمال الصفة،
فأسماء الله تعالى كلها
حسنى، أي: بلغت الغاية في الحسن وفي الجمال وفي الكمال،
↩وقد دل على ذلك أربعة
آيات تقريراً من كتاب الله:
1 {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا
الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}
[الأعراف:180].
2 {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَّا
تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ
بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} [الإسراء:110].
3 {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى}
[طه:8].
4 {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ
الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ
الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الحشر:24].
شرح القواعد المثلى - عبد
الرحيم السلمي
دلالات وصف أسماء الله
بالحسنى
وصف أسماء الله عز وجل
بالحسنى له دلالات كثيرة، منها:
أن أسماء الله سبحانه
وتعالى تدل كلها على المدح والثناء والتمجيد لله سبحانه وتعالى،
وكذلك تدل على أن أسماء
الله عز وجل تتضمن معان جميلة، فكما أنها تدل على المدح والكمال والجلال والتمجيد
فهي كذلك تدل على معان جليلة وعظيمة وهي معاني الكمال، وهذه المعاني هي الصفات.
↩وكل اسم من أسماء الله عز
وجل يدل على معنى،
فمثلاً: اسم الله الرحمن
يدل على معنى: وهو الرحمة،
واسم الله سبحانه وتعالى
العزيز يدل على معنى: وهي العزة، والعزة غير الرحمة،
وكل اسم من أسماء الله
سبحانه وتعالى يدل على معنى غير المعنى الذي يدل عليه الاسم الآخر،
↩وإن كانت جميع أسماء الله
عز وجل تدل على مسمى واحد وهو الله سبحانه وتعالى،
إذا كانت أسماء الله عز
وجل كل اسم منها يدل على معنى، وهي كثيرة فالمعاني التي تدل على كمال الله عز وجل
كثيرة ومتعددة، ولهذا سميت حسنى.
وكذلك من الدلالات على أن
أسماء الله حسنى: أنه لا يوجد اسم من أسماء الله يتضمن الشر،
↩بل الشر في مفعولاته عز
وجل، وليس في فعله، وليس في وصفه، وليس في اسمه سبحانه وتعالى،
ويمكن أن نذكر مثالاً يدل
على ذلك،
يقول الله عز وجل: {إِنَّ
بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ * إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ * وَهُوَ الْغَفُورُ
الْوَدُودُ} [البروج:12 - 14]،
انظروا في الاسم سمى نفسه
الغفور الودود، وهي أسماء الخير والبركة،
وفي مفعوله وصفه بأنه
شديد،
ومثل قول الله سبحانه
وتعالى: {أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ
الأَلِيمُ} [الحجر:49 - 50]،
فالعذاب نتيجة فعله
سبحانه وتعالى وهي آثار فعله وقد توصف بالألم، وبما فيه ضرر بالنسبة للإنسان أو
لغيره،
لكن أسماء الله سبحانه
وتعالى لا يمكن أن ينسب إليها شر بأي وجه من الوجوه.
شرح القواعد المثلى -
عبدالرحيم السلمي
من أسباب الحسن في أسماء
الله تضمنها لصفات الكمال
مثال ذلك:
الحي يتضمن كمال الحياة
بالنسبة لله سبحانه وتعالى، وهذه الحياة لا يعتريها نقص بأي وجه من الوجوه، فهي
ليست مسبوقة بعدم فلا يعتريها النقص، ولا يلحقها زوال.
والمخلوق يمكن تسميته
بالحي، ومثال ذلك قوله تعالى: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ} [الأنعام:95]،
↩فالمخلوق حي لكن حياته
ناقصة؛
لأنه سبقها العدم، وسيأتي
عليها الفناء،
ولأنه يتخللها السِنَة
يعني: النعاس، والنوم،
فضلاً عما يدخلها
من النسيان والغفلة ونحو ذلك من قوادح الحياة،
لكن حياة الله عز وجل
كاملة لا يعتريها نقص بأي وجه من الوجوه،
فليست مسبوقة بعدم،
ولا يلحقها زوال،
وليس فيها نسيان،
وليس فيها خطأ،
وليس فيها نوم،
وليس فيها نعاس،
♦بل هو سبحانه وتعالى حي
حياة دائمة مستمرة ليس لها بداية وليس لها نهاية سبحانه وتعالى،
⤴وهذا هو معنى قول الشيخ
"ابن عثيمين": (وذلك لأنها متضمنة لصفات كاملة لا نقص فيها بوجه من
الوجوه).
قال المصنف رحمه الله
تعالى:
ومثال آخر:
العليم اسم من أسماء الله
متضمن للعلم الكامل الذي لم يسبق بجهل ولا يلحقه نسيان، قال الله تعالى: {قَالَ
عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنسَى} [طه:52]،
العلم الواسع المحيط بكل
شيء جملة وتفصيلاً، سواء ما يتعلق بأفعاله أو أفعال خلقه،
قال الله تعالى:
{وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي
الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا
حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ
مُبِينٍ} [الأنعام:59]،
{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي
الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا
وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [هود:6]،
{يَعْلَمُ مَا فِي
السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ
عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [التغابن:4]].
♦العليم: اسم من أسماء
الله تعالى يتضمن صفة من صفاته وهي العلم،
↩فهذا العلم الذي يدل عليه
اسمه سبحانه وتعالى لا نقص فيه بأي وجه من الوجوه، وأنه لا يعتريه النسيان، ولا
تعتريه غفلة، ولا يعتريه خطأ،
⤴وهذا الاسم العظيم الذي
هو من أسمائه سبحانه وتعالى (العليم) يدل على سعة علمه، وأن هذا العلم ليس علماً
محدوداً بشيء،
وإنما هو علم محيط بكل
شيء، ويستوي في ذلك أفعال عباده وأفعال غيره، فكل شيء يعلمه سبحانه وتعالى، ولهذا
فعلم الله عز وجل لا يمكن أن يحد، ↔وهذا هو وجه الحسن في الاسم؛
لأنه قد يسمى إنسان بعليم
لكن كما قال تعالى: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [يوسف:76]،
↩وقد يكون الإنسان عنده
علم لكن علمه محدود، وربنا هو الذي يعلم كل شيء سبحانه وتعالى، سواء من الأشياء
المحسوسة أو غير المحسوسة والشرعية أوغير الشرعية
شرح القواعد المثلى -
عبدالرحيم السلمي
الدرس 2 من التعليق على القواعد المثلى القاعدة الأولى أسماء الله تعالى كلها حسنى
ما ينافي الحسن ليس من
أسماء الله
يمكن التنبيه إلى عدة
أمور تدل على وصف أسماء الله عز وجل بأنها حسنى:
1- أن الأسماء الجامدة التي لا تدل على معان ليست من أسماء
الله سبحانه وتعالى؛
↩لأنها ليست حسنة ولا
يتحقق فيها وصف الحسنى،
مثل: الموجود، فلا يمكن
أن يسمى الله: الموجود حتى ولو كان المعنى صحيح، فلا يسمى به، ولا يمكن أن يكون
هذا له اسم؛
والسبب في ذلك: أنه ليس
فيه معنى الحسن، وإنما غاية ما فيه أنه شيء موجود.
2- كذلك لا يسمى الله سبحانه وتعالى بالاسم الذي يحتمل المدح
والذم،
مثل: المتكلم، فلا يقال:
إن الله عز وجل هو المتكلم،
فالمتكلم ليس اسماً من
أسماء الله؛
↩لأن الكلام قد يكون حسناً
وقد يكون سيئاً، وقد يكون ممدوحاً وقد يكون مذموماً،
فلا يسمى الله سبحانه
وتعالى بالاسم الذي يحتمل المدح ويحتمل الذم.
وهذا ينافي الحسن الذي
وصف الله سبحانه وتعالى به أسماءه،
3- وكذلك ما ورد مقيداً أو مضافاً فإن هذا لا يؤخذ منه اسم من
أسماء الله سبحانه وتعالى،
ويمكن أن نمثل لهذا قوله
تعالى: {إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ} [السجدة:22]،
فلا يؤخذ من هذه الآية اسم
لله وهو المنتقم؛
↩لأن الوصف هنا وهو قوله:
{مُنتَقِمُونَ} [السجدة:22]
مرتبط ومقيد بالمجرمين،
لكن إذا قلت: المنتقم بشكل عام احتمل هذا أن يكون منتقماً أيضاً حتى من المؤمنين
فلا يصح،
⤴وحينئذ سينافي الحسن
الوارد في الآيات الأربع.
ومثل قول الله عز وجل: {عَالِمُ
الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} [الأنعام:73]،
فلا يؤخذ من هذه الآية
اسم الله عز وجل العليم مثلاً أو العالم،
لا يؤخذ من هذه
الآية تحديداً لكنه يؤخذ من آيات أخرى تدل بشكل أصرح على اسم الله عز وجل،
فالأسماء التي تأتي مقيدة
ومضافة لا يصح أن يؤخذ منها اسم من أسماء الله سبحانه وتعالى،
مثل: مجري السحاب، وهازم
الأحزاب ونحو ذلك.
شرح القواعد المثلى - عبد
الرحيم السلمي
وجه الكمال في اقتران
الأسماء
الحسن في أسماء الله
باعتبار كل اسم على انفراده وجمعه إلى غيره
يمكن أن يأخذ الإنسان
الحسن من اسم الله العليم لوحده، ومن اسمه القدير لوحده، ومن اسمه العزيز لوحده،
ومن اسمه الحكيم لوحده،
ويتضاعف الحسن عندما تضم
بعض الأسماء إلى بعض،
مثل: العزيز الحكيم،
الغفور الرحيم، الرحمن الرحيم،
↩وهذه الإضافة التي
تجدونها في القرآن كانت لحكمة، فهي تدل على معان عظيمة.
وقد ذكر ابن القيم رحمه
الله هذه القاعدة في بدائع الفوائد، وقسم أسماء الله سبحانه وتعالى إلى أقسام،
↩وذكر من أقسام أسماء الله
عز وجل:
أن بعض أسماء الله عز وجل
تشتمل على صفات الكمال مركبة، يعني: ضم صفة معينة مثل اسمه المجيد،
يقول: اسم المجيد من
أسماء الله عز وجل لا يدل على كمال في جهة معينة فقط،
وإنما يدل على الكمال في
كل جهة، ولهذا يعتبر اسم الله عز وجل المجيد من أعظم الأسماء الواسعة،
قال المصنف رحمه الله
تعالى: 🔖((مثال ذلك: العزيز
الحكيم، فإن الله تعالى يجمع بينهما في القرآن كثيراً، فيكون كلاً منها دالاً على
الكمال الخاصة الذي يقتضيه
وهو العزة في العزيز،
والحكم والحكمة في
الحكيم،
والجمع بينهما دال على
كمال آخر،
وهو أن عزته تعالى مقرونة
بالحكمة، فعزته لا تقتضي ظلماً وزوراً وسوء فعل، كما قد يكون من أعزاء المخلوقين،
❄فإن العزيز منهم قد تأخذه العزة بالإثم فيظلم ويجور ويسيء التصرف،
وكذلك حكمه تعالى وحكمته
مقرونان بالعز الكامل
❄بخلاف حكم المخلوق وحكمته فإنهما يعتريهما الذل.))
ومثله أيضاً السميع
البصير،
كما قال الله عز وجل:
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:11]،
❄فإن السميع قد يسمع لكن قد لا يبصر في بعض الأحيان، فقال البصير؛
ولأن البصير قد لا يسمع فوجد السميع،
⤴وهكذا يكتمل المعنى بنفس
الطريقة التي ذكرها الشيخ رحمه الله تعالى.
شرح القواعد المثلى -
عبدالرحيم السلمي