صحيح الاعتقاد في الأسماء و الصفات



فقه العقيدة الإسلامية 

العقيدة في اللغة: مأخوذة من العقْد، وهو الربطُ والشدُّ بقوة.

واصطلاحاً: لها تعريفان:

أولاً: التعريف الاصطلاحي العام:
عُرّفت العقيدة وفق المفهوم العام بأنها:
ما يعقد عليه الإنسان قلبه، عقداً جازماً ومحكماً لا يتطرق إليه شك.

ثانياً: تعريف العقيدة الإسلامية:
هي:
«الإيمان الجازم بالله،
وما يجب له في ألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته.
والإيمان بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره،
وبكل ما جاءت به النصوص الصحيحة من أصول الدين وأمور الغيب وأخباره»

منهج العقيدة عند السلف

منهج تلقي العقيدة عند السلف يقوم على عدة أسس، منها:

1- الاقتصار في منهج التلقي على الوحي:
وهذا مردّه إلى إيمانهم بوجوب أن يعيش المسلم حياته كلها - اعتقاداً وعملاً وسلوكاً - مستمسكاً ومعتصماً بالوحي المتمثل في الكتاب والسنة،

قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [النساء: 59]،

 وقال -صلى الله عليه وسلم-: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ فَلَنْ تَضِلُّوا أَبَدًا؛ كِتَابَ الله وَسُنَّتِي».

ولهذا كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحذرهم الالتفات إلى كتب السابقين التي دخلها التحريف.

2- التسليم لما جاء به الوحي، مع إعطاء العقل دوره الحقيقي:

مما يميز المسلمين الذين يؤمنون بما جاءت به العقيدة الإسلامية، أنهم آمنوا بهذه العقيدة على الغيب، وقد جاء مدح هذا الإيمان في القرآن الكريم في آيات عديدة، منها

قوله تعالى: ﴿ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ﴾[البقرة: 2، 3].

ولما كانت العقيدة تقوم على الأمور الغيبية، كان مبناها على التسليم بما جاء عن الله جلّ جلاله، وعن رسوله -صلى الله عليه وسلم- ظاهراً وباطناً، ما عقلناه منها وما لم نعقله.

فوظيفة العقل تتوقف
عند التدبر في آيات الله،
ومعرفة محاسن العقيدة والشريعة التي جاء بها الإسلام،
كما أنه هو الآلة في فهم النصوص الشرعية واستخلاص المعاني المرادة منها.

3- ترك الابتداع:
فهذا الدين كامل لا يحتاج إلى تكميل، قال تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]،

فليس لأحد أن يحدث في هذا الدين أمراً لم يأت في الكتاب أو السنة،
قال -صلى الله عليه وسلم-: » مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» .

تعريف العقيدة الإسلامية، وبيان أهميتها - د. محمد بن عبدالله بن صالح السحيم




معتقد أهل السنة في الأسماء  والصفات

أهل السنة والجماعة:
هم الذين اجتمعوا على الأخذ بسنة النبي صلّى الله عليه وسلّم،
والعمل بها ظاهراً وباطناً في
 القول والعمل والاعتقاد.

وطريقتهم في أسماء الله وصفاته كما يأتي:

أولاً - في الإثبات:

فهي إثبات ما أثبته الله لنفسه في كتابه،
أو على لسان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم،
من غير تحريف، ولا تعطيل، ومن غير تكييف، ولا تمثيل.

ثانياً - في النفي:
فطريقتهم نفي ما نفاه الله عن نفسه في كتابه،
أو على لسان رسوله صلّى الله عليه وسلّم،
مع اعتقادهم ثبوت كمال ضده لله تعالى.

ثالثاً - فيما لم يرد نفيه، ولا إثباته مما تنازع الناس فيه كالجسم، والحيز والجهة ونحو ذلك،
فطريقتهم فيه
التوقف في لفظه فلا يثبتونه،
ولا ينفونه لعدم ورود ذلك،
وأما معناه فيستفصلون عنه،
 - فإن أُريد به باطل يُنزه الله عنه ردوه،
وإن أريد به حق لا يمتنع على الله قبلوه.

وهذه الطريقة هي الطريقة الواجبة، وهي القول الوسط بين أهل التعطيل، وأهل التمثيل.

وكل ما ثبت لله من الصفات فإنها
صفات كمال، يحمد عليها، ويثنى بها عليه،
وليس فيها نقص بوجه من الوجوه.
فجميع صفات الكمال ثابتة لله تعالى على أكمل وجه.

وكل ما نفاه الله عن نفسه فهو صفات نقص، تنافي كماله الواجب،
فجميع صفات النقص ممتنعة على الله تعالى لوجوب كماله.

وما نفاه الله عن نفسه فالمراد به
 انتفاء تلك الصفة المنفية
وإثبات كمال ضدها،

 إذا تبين هذا فنقول: مما نفى الله عن نفسه الظلم، فالمراد به
انتفاء الظلم عن الله مع ثبوت كمال ضده وهو العدل،
ونفى عن نفسه اللغوب وهو التعب والإعياء، فالمراد نفي اللغوب مع ثبوت كمال ضده وهو القوة، وهكذا بقية ما نفاه الله عن نفسه، والله أعلم.

فتح رب البرية بتلخيص الحموية - ابن عثيمين