سبحان الله




أول الباقيات الصالحات
(سبحان الله)

إنَّ التسبيح له شأن عظيم ومكانة رفيعة؛ إذ هو أحد الكلمات الأربع التي وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنَّها خيرُ الكلام وأحبُّه إلى الله، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم:
"أحبّ الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد لله، و لا إله إلا الله، والله أكبر"
وقد ورد ذكر التسبيح في القرآن الكريم أكثر من ثمانين مرة، بصِيغ مختلفة وأساليب متنوِّعة،
فورد تارة بلفظ الأمر كما في قوله –تعالى-:﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً﴾
، وتارة بلفظ الماضي كما في قوله تعالى: ﴿سَبَّحَ للهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ﴾
 وتارة بلفظ المضارع كما في قوله تعالى: ﴿يُسَبِّحُ للهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ المَلِكِ القُدُّوسِ العَزِيزِ الحَكِيمِ﴾
 وتارة بلفظ المصدر كما في قوله تعالى: ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلاَمٌ عَلَى المُرْسَلِينَ وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ﴾.

وقد ذكر الله سبحانه وتعالى التسبيح في مُفتتح ثَماني سُوَر من القرآن الكريم، الإسراء، النحل، الحشر،  الحديد، الصف ، الجمعة ، التغابن ، الاعلى.

قال بعض أهل العلم: والتسبيح ورد في القرآن على نحو من ثلاثين وجهاً،
ستةٍ منها للملائكة،
وتسعةٍ لنبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم،
 وأربعةٍ لغيره من الأنبياء،
 وثلاثةٍ للحيوانات والجمادات،
وثلاثةٍ للمؤمنين خاصة،
وستةٍ لجميع الموجودات.
ِ
وقد ذكر الله - تعالى - لفظة ﴿سُبْحَانَ﴾ في القرآن في خمسة وعشرين موضعاً،

في ضمن كلِّ واحد منها إثباتُ صفة من صفات المدح،
أو نفيُ صفة من صفات الذم،

فهذه النصوص القرآنية الكريمة وما جاء في معناها في كتاب الله تدل أوضح دلالة على جلالة قدر التسبيح، وعظيم شأنه من الدين،
وأنَّه من أجَلِّ الأذكار المشروعة، ومن أنفع العبادات المقربة إلى الله عز وجل.
دراسات في الباقيات الصالحات - عبد الرزاق البدر



فضل التسبيح

إن تسبيح الرب تبارك وتعالى من أجل وأعظم العبادات ،
 وتدبر القرآن :

الله جل وعلا في القرآن سبحه الرعد قال : (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ).

 سبحته الملائكة (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) ،
وسبحه المؤمنون،
وسبحه الجبال (إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ ) ،
وسبحته الطير(وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً)،
وأجمل جل وعلا جعلها عامة قال الله تعالى : (وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ)
وأعظم من ذلك كله أن الله جل وعلا سبح نفسه بنفسه قال الله : (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ)
قال الله : (وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ)

فسبح الله جل وعلا ذاته العلية حتى يعلم أن للتسبيح رفيع المنازل عند الله ،

وهذا نبي الله زكريا يبتلى بأن يبقى له آية بأنه لا يكلم الناس رغم استواء خلقته ، (أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيّاً)
ومع ذلك قال الله له : (وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ)
فخرج إليهم (فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيّاً)

المقصود من هذا: أن التسبيح عبادة عظيمة وأي عبادة .
فيلهم أهل الجنة تسبيح الله جل وعلا كما يلهمون النفس 

ولا يخفى علينا فضل التسبِيح في قصّة سيّدنا يونس عليه السلام ،
إذ قال فيه تعالى " فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنه إِلَى يَوْم يُبْعَثُونَ "
ففي هذا إشارةٌ لطيفة وتذكيرٌ لعباد الله أن يتنبهوا لأهمية الذكر والتسبيح على وجه الخصوص ،

فقد وصف الله يونسَ عليه السلام بأنه كان من المُسبِّحين ، أي أنه كان كثير التسبيح قبل وقوعه في هذه الشدة العصيبة والكرب العظيم .

عن مصعب بن سعد قال: حدثني أبي قال:
(( كنَّا عندَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقالَ:
 أَيَعْجِزُ أَحَدُكم أَن يَكسِبَ كلَّ يومٍ أَلفَ حسنة
فسألَهُ سائِلٌ مِن جُلَسَائِهِ كيفَ يكسِبُ أحدُنا ألفَ حسنة؟
 قال يُسبِّحُ مائةَ تَسبيحَةٍ فيُكْتَب له ألفُ حسنةٍ، أَو يُحَطُّ عنه ألفُ خطيئة)) [ أخرجه مسلم والترمذي ]

فضل التسبيح - محمد صالح المغامسي




علاقة التسبيح بالأسماء والصفات

التسبيح هو التنزيه
وأصله من السبح أي: البعد

وأصلُ التسبيح لله عند العرب التنزيه له من إضافة ما ليس من صفاته إليه، والتبرئة له من ذلك"

 قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -:
"والأمر بتسبيحه يقتضي:-
 تنزيهه عن كلِّ عَيبٍ وسُوءٍ،
وإثباتَ المحامد التي يُحمد عليها،
فيقتضي ذلك تنزيهه وتحميده وتكبيره وتوحيده"

ولا ريب أنَّ التسبيح يُعدُّ من الأصول المهمّة والأُسُس المتينة التي ينبني عليها المُعتَقَد فيما يتعلّق بمعرفة الربّ - تبارك وتعالى - وأسمائه وصفاته،

إذ إنَّ المُعتَقَدَ في الأسماء والصفات يقوم على أصلين عظيمين وأساسين متينين هما :

1 الإثبات للصفات بلا تمثيل،
2 وتنزيه الله عن مشابهة المخلوقات بلا تعطيل.

والتسبيح هو:-
إبعادُ صفات النقص من أن تُضافَ إلى الله،
وتنزيهُ الربِّ سبحانه عن السوء وعمَّا لا يليقُ به، "

والواجب على عبد الله المؤمن أن يكون في تسبيحه لربّه على هديٍ مستقيمٍ،
فيُسبّح الله وينزّهه عن كلِّ ما لا يليقُ به من النقائص والعيوب
ويُثبتُ له مع ذلك نعوتَ جلاله وصفات كماله،

ولا يتجاوزُ في ذلك كلِّه كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم

ومن كان على ذلك فهو على هدي قويمٍ، وعلى صراطٍ مستقيمٍ.

دراسات في الباقيات الصالحات - عبد الرزاق البدر




ما هو جزاء كثرة التسبيح