وقفات و اضاءات







لماذا نتعلم ؟لماذا نتفقه ؟ لماذا نطلب العلم ؟ 

العلم عبادة من العبادات ، وقربة من القرب ،
فإنْ خلصت فيه النية قُبِل وزكا ، ونمت بركته ،
وإن قصد به غير وجه الله تعالى حبط وضاع ، وخسرت صفقته

 عند ابن ماجه عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

"مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ أَوْ لِيُبَاهِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ أَوْ لِيَصْرِفَ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ فَهُوَ فِي النَّارِ .
[ وصححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع (6158)].

فهذا الحديث الخطير قاضٍ بأنَّ على طالب العلم أن يصحح نيته في طلبه ،
فلا يكون إلا لله وحده ، يبتغى عنده الرضوان ، ويرجو لديه الثواب ، لا ليرتفع به في أعين الناس ، ويعلو به فوق أعناقهم
إخلاص النية في طلب العلم - حسام الدين سليم الكيلاني - صيد الفوائد



كيف يصحح طالب العلم نيته؟ 

إذا ما أراد طالب العلم أن يصحح من نيته فعليه ملاحظة ما يلي 
1ــ حسن النية 
روى الإمام البخاري في صحيحه
 عَنْ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:-
الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ وَلِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ . متفق عليه واللفظ للبخاري 

فالله الله على النية، فرب عمل صغير تعظمه النية، ورب عمل كبير تصغره النية

وكما قال يحيى بن أبي كثير: تعلموا النية، فإنها أبلغ من العمل . اهـ 

إن النية عبارة عن المحرك والباعث الحقيقي الكامن بين وجدانك، فلا يطلع عليه غيرك

فمثلا أنت الآن تريد أن تطلب العلم، فما الذي دفعك إلى ذلك؟!! هل لطلب مكانة اجتماعية،
 هل من أجل أن يقول الناس عنك: هذا طالب علم ممتاز، أم لأجل النجاح في الجامعة، أم من أجل شهادة تعلقها في الصالون 

قال ابن جماعة :
حسن النية في طلب العلم
بأن يقصد به وجه الله تعالى والعمل به ،
وتنوير قلبه، وتحلية باطنه،
والقرب من الله تعالى يوم القيامة ،
والتعرض لما أعد لأهله من رضوانه ، وعظيم فضله 

قال سفيان الثوري : ما عالجت شيئاً أشد عليَّ من نيتي 

فالنية هي الأصل ، والله الحسيب والرقيب ، مطلع على السرائر والضمائر ، لا تخفي عليه خافية ،
وكم من عمل يتصور بصورة أعمال الدنيا فيصير بحسن النية من أعمال الآخرة ،
وكم من عمل يتصور بصورة أعمال الآخرة فيصير بسوء النية من أعمال الدنيا فلتحذر


إخلاص النية في طلب العلم - حسام الدين سليم الكيلاني - صيد الفوائد 


2 ــ قصد الآخرة : 
ولا يقصد به الأغراض الدنيوية ؛ من تحصيل الرياسة والجاه والمال ، ومباهاة الأقران ،
 وتعظيم الناس له ، وتصديره في المجالس ونحو ذلك ، فيستبدل الأدنى بالذي هو خير. 

قال أبو يوسف رحمه الله : يا قوم أريدوا بعملكم الله تعالى ، فإني لم أجلس مجلساً قط أنوي فيه أن أتواضع إلا لم أقم حتى أعلوهم ، ولم أجلس مجلساً قط أنوي فيه أن أعلوهم إلا لم أقم حتى أفتضح . 

3 ــ الطاعة : فالعلم رزق لا ينال بالمعصية : 

عن أبي أمامة قال : قال صلى الله عليه وسلم :
((إنَّ روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها ، وتستوعب رزقها ، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ، و لا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته))[أخرجه أبو نعيم في الحلية وصححه الألباني في صحيح الجامع (2085)] . 

اعلم أخي في الله أنَّك تطلب الخير من الله ، وما عند الله لا ينال إلا بطاعته . 

4 ــ احذر الرياء : 

قال عبد الله الأنطاكي :
من طلب الإخلاص في أعماله الظاهرة ، وهو يلاحظ الخلق بقلبه ، فقد رام المحال ؛ لأنَّ الإخلاص ماء القلب الذي به حياته ، والرياء يميته .
فلا بد إذاً للنجاة في الآخرة ، وللانتفاع بالعلم في الدنيا ،
والنفع به ، من الإخلاص ، رزقنا الله وإياكم إياه . 

5 ـ احذر النفاق : 
احذر أن تكون منافقاً ، وأنت لا تشعر ، مرائياً من حيث لا تعلم ،
احذر الشهوة الخفية ،
فإنَّ كثيراً من طلاب العلم سقطوا لمَّا غفلوا عن تلك الشهوات الخفية ، وهي عند الله من الكبائر، ولعلها أكبر من الزنى وشرب الخمر ،
وهذه الشهوات الخفية تهجم على قلب المتعلم صغيراً كان أو كبيراً ، مشهوراً كان أو مغموراً ، فتفسد عمله ، وتخيِّب قصده ، عافانا الله وإياكم منها.
إنها شهوة الترفع وحب الظهور ، شهوة كسب الاحترام والتوقير.، شهوة طلب الشهرة وأن يشار إليه بالبنان.،
إنها مصيبة اتخاذ العلم وسيلة لنيل غرض من أغراض الدنيا ؛ لبناء الأمجاد الشخصية ،
والعلو على الناس ، والاستعظام عليهم ، واحتقار الآخرين وازدرائهم ، وعيبهم والتشنيع عليهم ،
شهوة حب التصدر ، وأن ينشغل الناس به ، وينقادوا إليه ،ثم تكون النتيجة :
الكبر.، الغرور.، العجب.، الأنانية ، وحب الذات ،.
وعبادة النفس ، والانتصار لها ، والغضب لها ،. وعبادة الهوى . 
وهذه ـ والله ـ بليات نعوذ بالله منها ، تسقط بسببها سماء إيمانك على أرضه ، فلا تقوم للقلب قائمة ،
وواللهِ إنَّ القلب ليقشعر من مجرد تعديد هذه الأمراض ، عافانا الله وإياكم منها . 
ولعمر الله إنَّ قضية الرياء والشهوة الخفية لهي الطامة الكبرى ،والمصيبة العظمى ،
فشوب النيات يورث الرياء والشرك ،
والرياء مدخل النفاق ،
والمعصية بريد الفسق ، وهما دهليز الكفر 
إخلاص النية في طلب العلم - حسام الدين سليم الكيلاني - صيد الفوائد 


الحرص على طلب العلم والصبر على تحصيله

إذا علمت قدر العلم وشرفه ومنزلته عند الله،
وأن الله وملائكته ومن في السماوات ومن في الأرض حتى النملة في جحرها لتصلي على معلم الناس الخير.
فاعلم أن العلم لا ينال براحة الجسم،
 روى مسلم بسنده عن يحيى بن أبي كثير قال:
"لا ينال العلم براحة الجسم، فالعلم بالتعلم والحلم بالتحلم، ومن صبر صبره الله."
ولولا أن شرف العلم صعب المرتقى لناله كل أحد وادعاه كل جاهل،
ولكن لأنه شريف لا ينال إلا ببذل وجد وتضحية، فينبغي على طالب العلم أن يكون صبوراً في طلبه لا يمل ولا ينقطع عن الطلب ويغالب الصعاب.
قيل للشعبي: من أين لك هذا العلم كله؟ قال:
"بنفي الاعتماد والسير في البلاد، وصبر كصبر الحمار وبكور كبكور الغراب"

فالعلم ليس مالاً يجمع ثم يحتفظ به، ولا ماء يشرب،
العلم يحتاج إلى مجالسة العلماء ومزاحمتهم بالركب وإلى مدارسة ومراجعة وحفظ وقراءة ومطالعة، فشمر عن ساعد الجد ولا تعجل.

قال الشافعي رحمه الله:
"حق على طلبة العلم بلوغ غاية جهدهم في الاستكثار من علمه، والصبر على كل عارض دون طلبه، وإخلاص النية لله تعالى في إدراك العلم نصاً واستنباطاً والرغبة إلى الله تعالى في العون عليه".

لا تحسب المجد تمراً أنت آكله لا تبلغ المجد حتى تلعق الصبر
فما بالنا في هذه الأيام نرى طلبة العلم يأتي إلى الدرس متأخراً، أو يأتي درساً ودرساً، أو يواظب فترة ثم ينقطع ويتعلل بشتى العلل.

في كتاب صفحات من صبر العلماء:
"من المعلوم لدى البصراء: أنه لابد لنيل كل مرغوب محبوب، من تنازل عن مرغوب محبوب دونه،
والعلم مرغوب سام، ومحبوب غال، وشرف رفيع ومطلب صعب المسالك، كثير العقبات،
 لا يمكن بلوغه إلا بتنازلات كثيرة وتضحيات كبيرة في المال والوقت والراحة وأنس الأهل والأصحاب، وسائر المتع المشروعة،
ولهذا قيل قديماً:
العلم لا يعطيك بعضه إلا إذا أعطيته كلك.

وقد قص الله علينا قصة نبي من أولي العزم من الرسل سافر في البحر وتحمل المشاق لكي يتعلم بعض المسائل من الخضر عليه السلام فقال
"هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا" (الكهف: 66)...

روى الحاكم في المستدرك وغيره "عن عكرمة قال:
قال ابن عباس: لما قبض رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأنا شاب، 🔺قلت لشاب من الأنصار:
هلم لنسأل أصحاب رسول الله ولنتعلم منهم. فإنهم اليوم كثير،

فقال: يا عجباً لك يا ابن عباس أترى الناس يحتاجون إليك وفي الناس من أصحاب رسول الله من فيهم.
قال: فترك ذلك وأقبلت أنا على المسألة وتتبع أصحاب رسول الله، فإن كنت لآتي الرجل في الحديث يبلغني أنه سمعه من رسول الله فأجده قائلاً ـ أي نائماً ـ في منتصف النهار فأتوسد ردائي على بابه، تسفي الرياح على وجهي التراب حتى يخرج،
فإذا خرج قال: يا ابن عم رسول الله ما جاء بك؟ هلا أرسلت إليَّ فآتيك؟
فأقول: لا، أنا أحق أن آتيك، بلغني حديث عنك أنك تحدثه عن رسول الله فأحببت أن أسمعه منك،
فكان الرجل بعد ذلك يراني وقد ذهب أصحاب رسول الله واجتمع حولي الناس يسألوني فيقول هذا الفتى كان أعقل مني"....

أخي طالب العلم كلمة أخيرة

"إن تصدق الله يصدقك"
هذا قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم.فاصبر وثابر تنال ما تتمنى.

قال الجنيد ـ رحمه الله ـ :
"ما طلب أحد شيئاً بجد وصدق إلا ناله فإن لم ينله كله نال بعضه".

 مقال الحرص على طلب العلم - أحمد عبد السلام


الهمة في مدارسة العلم ومداومة النظر فيه  

اعلم – رحمك الله تعالى- أن طريق الطلب طويل جدا،
كما قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه البزار:"منهومان لايشبعان:طالب علم وطالب دنيا" صحيح الجامع5/374.
وكما يقول بعضهم:"صاحب الحديث من المحبرة إلى المقبرة".
وكما قيل للإمام أبي عبد الرحمن عبد الله بن المبارك المروزي-رحمه الله-لوبعثت بعد موتك ماذا تفعل؟
قال:"أطلب العلم حتى يأتيني ملك الموت مرة ثانية".
فاحرص-رعاك الله تعالى- على التزود من العلم،والبحث عن مظانه،ومراجعة ذلك،ومدارسته مع نفسك ومع غيرك،
فذلك يعين –بعد فضل الله تعالى- على ضبط العلم.
وأنت تعلم أن الضبط عند المحدثين ينقسم إلى قسمين:
1/ضبط صدر(وهو الحفظ).
2/ضبط كتاب.

وكلنا يكتب ويقرأ،لكن إذا لم يراجع كرة بعد كرة،فإنها تتلاشى،
وهذا الداء(داء النسيان) طبع في الإنسان،ويختلف الناس فيه مابين مستقل ومستكثر.
والإمام البخاري-رحمه الله-وهو إمام الدنيا في وقته،وجبل الحفظ، عندما سئل عن دواء النسيان،
قال: (مداومة النظر في الكتب).
إذن،فحاول أن تطرد عن نفسك كل فتور وكسل،لأن الإنسان كلما جاهد نفسه وعودها على المضاعفة من عمل الخير،كان ذلك من أسباب ذهاب كل فتور.
وعلى كل: إذا كان الإنسان مستغلا وقته في كل أحيانه،فسيرى خيرا كثيرا بإذن الله،
لكن الذي نخشاه أن يصيبنا حماس واندفاع في البدء،ثم يبدأ الفتور والضعف،حتى يعود الإنسان إلى سيرته الأولى،
لذا علينا تذكر همة السلف الصالح في طلب العلم وبذل الغالي والنفيس لأجل تحصيله،...
وبعد هذا،ينبغي أن نعود أنفسنا الطلب ، حتى ولولم يكن هناك مجلس علم متاح ،
فطالب العلم لايكل ولا يمل، بل فيه نهم كبير لتحصيل العلم،
فهذا طالب المال لو أعطي واديا من ذهب لتمنى أن يكون له ثان،
وكذلك طالب العلم إذا ماذاق لذة العلم وحلاوته،إزداد تعلقا وشغفا به،
فالإنسان إذا كان يقرأ في بيته فهو يطلب العلم،
وإذا كان يراجع مع أخ له فهو يطلب العلم،
وإذا كان يسمع شريطا فهو يطلب العلم،
فطالب العلم يشغل وقته مااستطاع إلى ذلك سبيلا في طلب العلم والتحصيل.

فاحرص-رعاك الله تعالى- على إستغلال كل أجزاء وقتك،فربما ينفع الله بك بلدك،
بل قد ينفع الله بك المسلمين أجمعين، ولا تستبعد هذا الأمر، ولاتقل:من أنا؟
 إذ ليس على الله بعزيز أن يرفع ذكرك وينشر علمك،
وهل ولد الإمام البخاري وهو يعلم أن كتابه سيبلغ الأفاق شهرة وعلوا ورفعة؟
أبدا لم يكن يعلم ذلك، حتى بعد إمامته،
لكن باب الإخلاص والبذل والجهد يؤتي-بفضل الله- أكثر من هذا. 
                       
مدونة الأخصر زكور كاتب ومحلل



الصبر على طلب العلم للشيخ الشنقيطي
العلم بالله أنفع العلوم 

إن أجل المقاصد وأنفع العلوم وأشرفها وأعلاها
العلم بأسماء الله - عز وجل- الحسنى، وصفاته العلا؛
ذلك لأنها تُعرِّف الناس بربهم سبحانه، الذي هو أشرف معلوم، وأعظم مقصود وتعرِّفهم بخالقهم وخالق السماوات والأرض، ومن فيهن
وهذا يستلزم عبادته سبحانه ومحبته وخشيته، وتعظيمه وإجلاله.
ومن رحمته سبحانه أن جعل توحيده، ومعرفته مركوزًا في الفطر والعقول إجمالاً؛
إلا أن يطرأ على الفطرة والعقل ما يفسدهما من فعل شياطين الجن والإنس.

قال الله تعالى: { فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) }[الروم ].

وقال صلى الله عليه وسلم : ( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه...) البخاري

ولكن لما كانت هذه المعرفة إجمالية،
بحيث إنها لا تكفي في معرفة الله -عز وجل- المعرفة الحقة التي تقود إلى عبادته وحده،
ومعرفة تفاصيل أسمائه وصفاته التي لا يقوم ساق العبودية وفسطاط التوحيد إلا عليها،
ولما يطرأ على الفطرة والعقل من ركام وانحراف واعوجاج
كان من تمام رحمته سبحانه وفضله، وإحسانه إلى خلقه
أن أرسل إليهم الرسل،
وأنزل الكتب ليعرفوا الناس بربهم سبحانه المعرفة التفصيلية التي تنير لهم الطريق إليه، ويدعونهم إلى توحيده وعبادته سبحانه،
كما تعرفهم بغايتهم في هذه الدنيا وهي عبادته، ومصيرهم بعد ذلك إلى ربهم وخالقهم يوم القيامة :
{ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (31) } [النجم]،
وذلك بعد قيام الحجة الرسالية عليهم، وما تضمنت من بيان الحق من الباطل، والتوحيد من الشرك، والهدى من الضلال،
وبعد أن عرفتهم على ربهم سبحانه وتفاصيل أسمائه وصفاته التي يتعبدون لله تعالى بها.

والعلم بأسماء الله تعالى وصفاته أشرف العلوم، والمعارف، لأنه العلم الذي يقوم عليه توحيد الرب سبحانه وعبادته. وتوحيد الله - عز وجل- وعبادته أول واجب على المكلف.
إذن فلا جرم كان هذا العلم أشرف العلوم وأرفعها؛
لأن شرف العلم من شرف المعلوم؛ ولما كان المعلوم هو الله سبحانه وأسماءه وصفاته، كان هذا العلم هو أشرف العلوم.

 ولله اﻷسماء الحسنى - عبد العزيز الجليل  


ميزان إيمان العبد معرفة الرب

إن معرفة أسماء الله وصفاته الواردة في الكتاب والسنة،والتي تدل على كمال الله المطلق من كافة الوجوه لَمِن أعظم أبواب العلم التي يحصل بها زيادة الإيمان،
والاشتغال بمعرفتها وفهمها والبحث التام عنها مشتمل على فوائد عظيمة وكثيرة ،منها :

1-أن علم توحيد الأسماء والصفات أشرف العلوم وأجلّها على الإطلاق ،
فالاشتغال بفهمه والبحث عنه اشتغال بأعلى المطالب وحصوله للعبد من أشرف المواهب .

2-أن معرفة الله تدعو إلى محبته وخشيته وخوفه ورجائه وإخلاص العمل له ،
وهذا عين سعادة العبد ، ولا سبيل إلى معرفة الله إلا بمعرفة أسمائه وصفاته والتفقه في فهم معانيها .

3- أن الله خلق الخلق ليعرفوه ويعبدوه ،وهذا هو الغاية المطلوبة منهم،
فالاشتغال بذلك اشتغال بما خلق له العبد ،وتركه وتضييعه إهمال لماخلق العبد له ،
وقبيح بعبد لم تزل نعم الله عليه متواترة ،وفضله عليه عظيم من كل وجه أن يكون جاهلًا بربه معرضًا عن معرفته .

4- أن أحد أركان الإيمان ،بل أفضلها وأصلها الإيمان بالله ،وليس الإيمان مجرد قوله: آمنت بالله من غير معرفته بربه ،
بل حقيقة الإيمان أن يعرف الذي يؤمن به ويبذل جهده في معرفة أسمائه وصفاته حتى يبلغ درجة اليقين ،
وبحسب معرفته بربه يكون إيمانه ،فكلما ازداد معرفة بربه ،ازداد إيمانه ،وكلما نقص نقص ، وأقرب طريق يوصله إلى ذلك تدبر صفاته وأسمائه –سبخانه وتعالى - .

5- أن العلم به تعالى أًصل الأشياء كلها حتى إن العارف به حق المعرفة ،يستدل بما عرف من صفاته وأفعاله على ما يفعله ،وعلى ما يشرعه من أحكام
لأنه لا يفعل إلا ما هو مقتضى أسمائه وصفاته ،فأفعاله دائرة بين العدل والفضل والحكمة ،
ولذلك لا يشرع ما يشرعه من الأحكام إلا على حسب ما اقتضاه حمده وحكمته وفضله وعدله ،فأخباره كلها حق وصدق ،وأوامره ونواهيه عدل وحكمة .

 أسباب زيادة الإيمان ونقصانه - عبد الرزاق البدر




فضل تعلم أسماء الله و صفاته لفضيلة الشيخ عبد الرزاق البدرحفظه الله

المعاملة على قدر المعرفة

  كلما ازدادت معرفة الإنسان بالشيء تغيرت معاملته له،
ولأن واجبات العبودية من حب وخشية وطاعة وتوكل.. ما هي إلا معاملات
ينبغي أن يعامل بها العبد ربه؛
 لذلك فإن نقطة البداية الصحيحة لتحقيق العبودية والتجلبب بها هي
«معرفة الله» عز وجل،
 وكلما تعرف المرء على ربه
أكثر كلما عامله بصورة أفضل،
 وكلما جهل المرء ربه كلما ابتعدت معاملته له عن الصورة المطلوبة
﴿وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾
الزمر: 67].

وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية ﴿يَا أَيُّهَا الإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ﴾ [الانفطار 6] ثم قال: جهله.
فكلما ازدادت معرفة الإنسان بربه ازداد حبه له،
وافتقاره الدائم إليه،
واعتماده عليه،
واستسلامه المطلق له.
ولكي يعرف الإنسان ربه لابد وأن يجمع المعلومات عنه -سبحانه-...... 
ولقد منح الله عز وجل الإنسان الوسيلة التي من خلالها يستطيع أن يجمع المعلومات عنه سبحانه ...  هي العقل.
إذن فالحكمة العظمى من خلق العقل
 هو استخدامه في التعرف على الله عز وجل من خلال
التفكر في مخلوقاته
والتعرف على ما تحمله من معلومات عنه سبحانه.....ِ
وإن كان العقل هو محل العلم والمعرفة، فإن العلم الحقيقي الذي ينبغي أن ينشغل العبد بتحصيله هو
    العلم بالله عز وجل
إذن فتحصيل العلم بالله هو أهم غاية لخلق العقل،
وأي علم آخر فينبغي أن يكون تابعًا له، وفرعًا منه..

 د/مجدى هلالي  


التفكر في الآيات الكونية من سبل التعرف على الله

لكي يدرك المرء حقيقة التوحيد، ويوقن بها فإنه يحتاج إلى التعرف على ربه من خلال آياته الدالة عليه

﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ [فصلت: 53].

يقول الحافظ ابن رجب:
أخبر سبحانه أنه ما خلق السماوات والأرض ونزل الأمر إلا لنعلم بذلك قدرته وعلمه،
فيكون دليلاً على معرفته ومعرفة صفاته،

 كما قال تعالى:
﴿اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾ [الطلاق: 12].
وأخبر أنه إنما يخشاه من عباده العلماء، وهم العلماء «به».

قال ابن عباس في قوله:
 ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر: 28].قال:
أي إنما يخافني من عبادي من عرف جلالي وكبريائي وعظمتي.

فأفضل العلم العلم بالله،
وهو العلم بأسمائه وصفاته، وأفعاله التي توجب لصاحبها
معرفة الله وخشيته ومحبته
وهيبته وإجلاله وعظمته،
والتبتل إليه، والتوكل عليه،
والرضا عنه، والاشتغال به دون خلقه
د/مجدى هلالي