إن معرفة أسماء الله وصفاته الواردة في الكتاب والسنة،
والتي تدل على كمال الله المطلق من كافة الوجوه لَمِن أعظم أبواب
العلم التي يحصل بها زيادة الإيمان،
والاشتغال بمعرفتها وفهمها والبحث التام عنها مشتمل على فوائد عظيمة
وكثيرة ،منها :
1-أن علم توحيد الأسماء والصفات أشرف العلوم وأجلّها على الإطلاق
،
↩فالاشتغال بفهمه والبحث عنه اشتغال بأعلى المطالب وحصوله للعبد من
أشرف المواهب .
2-أن معرفة الله تدعو إلى محبته وخشيته وخوفه ورجائه وإخلاص
العمل له ،
⤴وهذا عين سعادة العبد ،
ولا سبيل إلى معرفة الله إلا بمعرفة أسمائه وصفاته والتفقه في فهم معانيها .
3- أن الله خلق الخلق ليعرفوه ويعبدوه ،↔وهذا هو الغاية المطلوبة
منهم،
فالاشتغال بذلك اشتغال بما خلق له العبد ،
وتركه وتضييعه إهمال لماخلق العبد له ،
وقبيح بعبد لم تزل نعم الله عليه متواترة ،وفضله عليه عظيم من كل وجه
أن يكون جاهلًا بربه معرضًا عن معرفته .
4- أن أحد أركان الإيمان ،بل أفضلها وأصلها الإيمان بالله ،
وليس الإيمان مجرد قوله: آمنت بالله من غير معرفته بربه ،
بل حقيقة الإيمان أن يعرف الذي يؤمن به ويبذل جهده في معرفة أسمائه
وصفاته حتى يبلغ درجة اليقين ،
↩وبحسب معرفته بربه يكون إيمانه، فكلما ازداد معرفة بربه ،ازداد
إيمانه ،وكلما نقص نقص ، وأقرب طريق يوصله إلى ذلك تدبر صفاته وأسمائه –سبحانه
وتعالى - .
5- أن العلم به تعالى أًصل الأشياء كلها
↙حتى إن العارف به حق المعرفة ،يستدل بما عرف من صفاته وأفعاله على ما
يفعله ،وعلى ما يشرعه من أحكام ؛
↩لأنه لا يفعل إلا ما هو مقتضى أسمائه وصفاته ،
فأفعاله دائرة بين العدل والفضل والحكمة ،
ولذلك لا يشرع ما يشرعه من الأحكام إلا على حسب ما اقتضاه حمده
وحكمته وفضله وعدله ،
فأخباره كلها حق وصدق ،
وأوامره ونواهيه عدل وحكمة.
أسباب زيادة الإيمان ونقصانه - عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر
6- لها ثمرات طيبة في الموقف من المصائب والمكروهات والشدائد.
فإذا علم العبد أن ربه عليم حكيم عدل لا يظلم أحدًا
↩رضي وصبر، وعلم أن المكروهات التي تصيبه والمحن التي تنزل به فيها
ضروب من المصالح والمنافع التي لا يبلغها علمه؛
لكنها هي مقتضى علم الله تعالى وحكمته فيطمئن ويسكن إلى ربه، ويفوض
أمره إليه.
7- هي طريق إلى محبة الله، وتعظيمه ورجائه والخوف منه.
8
- العلم بأسماء الله - عز وجل- وصفاته يزرع في القلب الأدب مع الله تعالى والحياء منه.
9- المعرفة بالله تعالى وأسمائه وصفاته تبصر العبد بنقائص نفسه
وعيوبها وآفاتها فيجتهد في إصلاحها.
ولله الأسماء الحسنى - عبدالعزيز الجليل
10
- كمال العبودية لله عزوجل
إن معرفة أسماء الله وصفاته في قلب المؤمن تثمر زيادة في الإيمان
ورسوخ في اليقين،
وتجلب له من النور والبصيرة التي تحصنه من الشبهات المضللة،
والشهوات المحرمة.
فهذا العلم إذا رسخ في القلب أوجب خشية الله لا محالة،
فلكل اسم من أسماء الله تأثير معين في القلب والسلوك،
فإذا أدرك القلب معنى الاسم وما يتضمنه واستشعر ذلك،تجاوب مع هذه
المعاني وانعكست هذه المعرفة على تفكيره وسلوكه.
ولكل صفة عبودية خاصة هي من موجباتها ومقتضياتها،
فالأسماء الحسنى والصفات العلى مقتضية لآثارها من العبودية
وهذا
مطرد في جميع أنواع العبودية التي على القلب والجوارح،
♦فمثلاً:
▪علم العبد بتفرد الرب تعالى بالضر والنفع والعطاء والمنع
والخلق والرزق والإحياء والإماتة
↩يثمر له عبودية التوكل عليه باطنًا، ولوازم التوكل و ثمراته ظاهرًا.
▪وعلمه بسمعه تعالى وبصره وعلمه و أنه لا يخفى عليه مثقال ذرة
في السموات ولا في الأرض، وأنه يعلم السر وأخفى، ويعلم خائنة الأعين وما تخفي
الصدور،
↩يثمر له حفظ لسانه وجوارحه وخطرات قلبه عن كل ما لا يرضي الله، وأن
يجعل تعلق هذه الأعضاء بما يحبه الله ويرضاه
ويثمر له ذلك من أنواع العبودية الظاهرة والباطنة بحسب معرفته
وعلمه.
▪وكذلك معرفته بجلال الله وعظمته وعزه،
↩تثمر له الخضوع والاستكانة والمحبة، وتثمر له تلك الأحوال الباطنة
أنواعًا من العبودية الظاهرة هي موجباتها.
▪وكذلك علمه بكماله وجماله وصفاته العلى يوجب له محبة خاصة
بمنزلة أنواع العبودية.
فرجعت العبودية كلها إلى مقتضى الأسماء والصفات وارتبطت بها.
↙وبهذا يتبين أن معرفة العبد لأسماء الله وصفاته على الوجه الذي أخبر
الله عز وجل به في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم
↩توجب على العبد القيام بعبودية الله على الوجه الأكمل،
فكلما كان الإيمان بالصفات أكمل كان الحب والإخلاص والتعبد أقوى،
وأكمل الناس عبودية المتعبد بجميع الأسماء والصفات التي يطلع عليها البشر...
ثمرة معرفة أسماء الله وصفاته - جامعة أم القرى