دعاء الله باسم
الجلالة "الله"
قال تعالى :
{وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ
الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف:180].
يقول عبد الرحيم
السلمي :-
وقوله: {فَادْعُوهُ
بِهَا}
↩ يشمل دعاء المسألة
ودعاء العبادة،
1فدعاء المسألة مثل:
اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا،
فهذا الدعاء بأسماء
الله عز وجل يسمى دعاء المسألة وهو الطلب.
2وأما دعاء العبادة فهو
التعبد بمعناها، وهو أنواع:
أولها: الإيمان بها،
وإثباتها كما أمر الله سبحانه وتعالى وكما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وثانيها: الاتصاف بما
تضمنته من معان إذا أمكن الاتصاف بها،
♦وهناك أسماء متعددة
لهذا النوع من التعبد، أطلقها عدد من المشتغلين بأسماء الله عز وجل،
بعض من تكلم في هذا
الأمر يقول: إنه ينبغي أن يتعبد الإنسان بما تدل عليه معاني أسماء الله سبحانه
وتعالى،
والأفضل أن يقول
الإنسان الدعاء بمعناه، والدعاء كما سبق ينقسم إلى دعاء المسألة ودعاء العبادة،
وحينئذ يكون الإنسان
موافقاً للهدي النبوي وللأمر الشرعي.
كيف ندعو الله باسمه
الجلالة "الله" سواء دعاء مسألة أو دعاء عبادة
من موقع العقيدة
والحياة :-
اسم الله من أكثر
الأسماء التي يدعى بها الله عز وجل,بعد اسم الرب,
ولاسم الرب مقام ينبغي
الدعاء به فيه,ولاسم الله مقام يحن الدعاء به فيه,
يقول شيخ الإسلام ابن
تيمية – رحمه الله تعالى :-
❄"فَإِذَا سَبَقَ إلَى قَلْبِ الْعَبْدِ قَصْدُ السُّؤَالِ,
نَاسَبَ أَنْ
يَسْأَلَهُ بِاسْمِهِ الرَّبِّ.
وَأَنْ يَسْأَلَهُ
بِاسْمِهِ اللَّهِ لِتَضَمُّنِهِ اسْمَ الرَّبِّ .
❄وَأَمَّا إذَا سَبَقَ إلَى قَلْبِهِ قَصْدُ الْعِبَادَةِ فَاسْمُ اللَّهِ أَوْلَى بِذَلِكَ.."
إفراد الله بالسؤال
والاستعانة
♦(إذا سألت فاسأل الله
وإذا استعنت فاستعن بالله )♦
أمر بسؤال الله وقد
أمر الله بمسألته فقال: (وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِه).
وسؤاله هو دعاؤه
بالرغبة إليه والدعاء هو العبادة
كما روي عن النبي صلى
الله عليه وسلم من حديث النعمان بن بشير وتلا قوله تعالى : (وَقَالَ رَبُّكُمُ
ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُم). رواه أحمد.
والله يحب أن يسأله
العبد ويكثر من سؤاله لما في ذلك من حسن الظن والتوكل به والتعلق به
والمؤمن يسأل ربه في
كل شيء حتى في سقط المتاع
لما روي في الدعاء
للطبراني: (ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها حتى يسأله شسع نعليه اذا انقطع).
وسؤال المخلوق
قسمان:
1 الأول: محرم وهو طلب المخلوق في أمر لا يقدر عليه إلا الله وهو
من الشرك الأكبر بالله تعالى المخرج من الملة
قال تعالى: (وَأَنَّ
الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا).
2الثاني: جائز وهو
طلب المخلوق عند الحاجة في أمر يقدر عليه من المال والمنفعة والجاه
⤴فهذا مباح للمؤمن ولا
يقدح في التوحيد
والتنزه عنه من كمال
التوكل والاعتماد على الله
كحال النبي صلى الله
عليه وسلم وأصحابه.
وقد ورد في السنة
الصحيحة النهي عن مسألة المخلوقين
وقد بايع النبي صلى
الله عليه وسلم أصحابه على أن لا يسألوا الناس شيئا
وكان أحدهم يسقط سوطه
فلا يسأل أحدا أن يناوله إياه.
وإنما ورد النهي عن
سؤال المخلوق
▪لما فيه من إظهار
التذلل والافتقار والمسكنة للمخلوق
▪ولما يلحقه من المنة
والمذلة
↩وهذا المقام لا يصلح
إلا لله وحده لأنه حقيقة العبادة ولأنه قادر على الضر والنفع
كما قال تعالى: (مَا
يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ
فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ).
فينبغي على المؤمن أن
يفرد الله بالسؤال والاستعانة
ويخلص توجهه إليه
ليكون من أوليائه وأصفيائه
ولا يلتفت قلبه
للمخلوق العاجز المنان الشحيح بنعم الله.
خالد بن سعود البليهد
- صيد الفوائد
دعاء العبادة باسم
"الله"
اعلم أن أحب الخلق إلى
الله أحسنهم تعبدا له بمعاني أسمائه وصفاته ، على سنن التعبد
بالإيمان والإحسان ،
العلم والعدل ،
والعفو والصفح ،
والرفق واللطف ،
والكرم والبر ،
والصدق والصبر ،
والحلم والستر ،
والرحمة والمغفرة
{وَلِلّهِ الأَسْمَاء
الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ
سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} الأعراف180
واعلم وفقك الله
لطاعته :
أن المنعم بجميع النعم
هو الله وحده لا شريك له ، و دافع جميع النقم هو الله وحده لا شريك له.
(وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ۖ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ
الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ) [سورة النحل : 53]
تذكر أيها العبد
▫أنك كنت معدوما فأوجدك
الله عزوجل
▪وكنت جائعا فأطعمك
الله
▫وكنت فقيرا فأغناك
الله
▪وكنت عريانا فكساك
الله
▫وكنت ضالا فهداك الله
↩فلله الحمد والشكر على
نعمه التي لا تعد وﻻ تحصى.
قال الله تعالى في
الحديث القدسي (( يا عبادي ! كلكم ضالٌّ إلا من هديتُه ، فاستهدوني أَهْدِكم.
يا عبادي ! كلكم جائعٌ
إلا من أطعمتُه ، فاستطعموني أُطعمكم .
يا عبادي ! كلكم عارٍ
إلا من كسوتُه ، فاستكسوني أكْسُكُم .
يا عبادي ! إنكم
تُخطئون بالليلِ والنهارِ ، وأنا أغفرُ الذنوبَ جميعًا . فاستغفروني أغفرُ لكم .
يا عبادي ! إنكم لن
تبلغوا ضُرِّي فتضروني ، ولن تبلغوا نفعي فتنفَعوني .
يا عبادي ! لو أنَّ
أوَّلكم وآخركم وإِنْسَكم وجِنَّكم ، كانوا على أتقى قلبِ رجلِ واحدٍ منكم ، ما
زاد ذلك في ملكي شيئًا .
يا عبادي ! لو أنَّ
أوَّلَكم وآخركم ، وإنْسَكم وجِنَّكم ، كانوا على أفجرِ قلبِ رجلٍ واحدٍ ، ما نقص
ذلك من ملكي شيئًا .
يا عبادي ! لو أنَّ
أوَّلَكم وآخرَكم . وإنسَكم وجِنَّكم ، قاموا في صعيدٍ واحدٍ فسألوني ، فأعطيتُ كل
إنسانٍ مسألتَه ، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقصُ المِخْيَطُ إذا أُدْخِلَ
البحرَ .
يا عبادي ! إنما هي
أعمالكم أُحصيها لكم ، ثم أوفِّيكم إياها .
فمن وجد خيرًا فليحمدِ
اللهَ ، ومن وجد غيرَ ذلك فلا يلومَنَّ إلا نفسَه )) رواه مسلم
كتاب التوحيد - محمد
التويجري
رياض الصالحين اذا سألت فاسأل الله 3
دعاء العبادة باسم (
الله )
تذكر رحمك الله أن
الله حين أوجدك كرمك وفضلك على كثير من مخلوقاته
كما قال سبحانه :
(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا
بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ
الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا)
[سورة اﻹسراء : 70]
فأعطاك الله السمع الذي
تسمع به الأصوات و تميز به بين الحسن والقبيح من الكلام
↩لتسمع به ما يحبه الله
و رسوله من القرآن و الذكر و العلم وغير ذلك.
أعطاك البصر الذي تبصر
به المخلوقات و الآيات الدالة على عظمة أسماء الله و صفاته .
أعطاك الله العقل الذي
تميز به بين الخير و الشر ، وتعرف به الحق من الباطل ؛
↩لتعبد من يستحق
العبادة بما شرعه من الحق .
أعطاك اللسان الذي
يترجم عما في القلب
↩لتستعمله في ذكره و
شكره و الدعوة إليه .
أعطاك
الجوارح لتطيع بها ربك ،
وتشكر الذي خلقك
وعلَّمك و هداك ، وتخدم نفسك .
( وَاللهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ
أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ
وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ )
كتاب التوحيد - محمد
التويجري
دعاء العبادة باسم (
الله )
جُدْ بالرضى من قلبك
لما قضاه ربك لك في السراء والضراء ، وفي الشدة و الرخاء
▫فهو الرب الرحمن
الرحيم ،
▫الحكيم الذي يضع الشيء
في موضعه،
▫الخبير بمصالح عباده ،
▫الكريم في عطائه ،
▫اللطيف في تدبيره .
وتوكل على الله
وحده تغنم وتسلم و تؤجر ، ولا تتعلق بغيره فَتُوْكل إليه و تخسر و تشقى :
( اللهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَعَلَى اللهِ
فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) 13 التغابن
واعلم رحمك الله أن من
علامات الرضى سرور العبد بالمقدور في جميع الأمور .
▪فلا تذم شيئاً قدَّره
الله ، ولا تضجر من مرارة المقادير و توالي المكاره ،
▪ولا تتمنى البلاء ، بل
سل الله العفو و العافية ، و لا تسأم من التكاليف ،
▪و لا تكره المكاره و
المصائب إذا نزلت :
( كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ
لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَن
تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا
تَعْلَمُونَ )216 البقرة
فاستسلم لقضاء ربك
العليم الحكيم فإنه أرحم بك من نفسك .
واعلم أن ما أصابك لم
يكن ليخطئك ، و ما أخطئك لم يكن ليصيبك، فالله قادر قاهر لا راد لأمره ، ولا معقب
لحكمه ، و ما شاء الله كان و ما لم يشأ لا يكون أبداً .
↩و بهذا يرضى القلب
ويسلم ، ويسكن العقل و يستسلم ،
وتغتبط النفس بحلاوة
التدبر ، وحسن التصرف ،والرضى بما يحبه الله و يرضاه.
كتاب التوحيد - محمد
التويجري
دعاء العبادة باسم (
الله )
اعلم أن ليس الشأن أن
تحب الله فقط ؛ بل الشأن أن تحب الله ، ويحبك الله ، ثم ينشر محبتك بين أهل السماء
والأرض .
ولا يحبك إلا إذا آمنت
به ، واتبعت رسوله صلى الله عليه وسلم فيما جاء به :
{قُلْ إِن كُنتُمْ
تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ
ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }آل عمران31
فاعبد ربك اﻹله الحق
وحده ﻻشريك له
وأخلص له الدين والقول
والعمل تفوز برضاه
واعلم أن كل ماسوى
الله من العرش والكرسي والسموات واﻷرض وما فيهما ومابينهما والشمس والقمر والجبال
والبحار وكل نبات وحيوان وكل صغير وكبير وكل مخلوق
⤴كل أولئك عبيد مماليك
لﻹله الحق شاهدون لربهم بالوحدانية قائمون له بالعبودية
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ
وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ
وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ۖ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ
الْعَذَابُ ۗ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ
يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ۩) [سورة الحج : 18]
فسبح بحمد ربك العظيم
مع كافة المخلوقات فهو أهل أن يكبر ويمجد وأهل أن يعبد ويحمد
{تُسَبِّحُ لَهُ
السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ
يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ
حَلِيماً غَفُوراً} الإسراء44
كتاب التوحيد-محمد
التويجري
الدكتور عمر عبد الكافي الأنس بالله