معتقد أهل السنة و الجماعة في صفات الله



 معتقد أهل السنة والجماعة في باب الصفات

إن باب الصفات من أعظم الأبواب الشرعية والعقدية التي بينها الله سبحانه وتعالى بياناً كافياً وشافياً في القرآن،
وكذلك بينها الرسول صلى الله عليه وسلم في السنة،  
وعقيدة السلف الصالح رضوان الله عليهم في هذا الباب العظيم مبنية على قاعدتين:

1 القاعدة الأولى: إثبات الصفات لله تعالى.

2 القاعدة الثانية: نفي مماثلة المخلوقات ومشابهتها.

وهاتان القاعدتان مأخوذتان من قوله تعالى:
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:11]،

 فقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} يدل على قاعدة التنزيه، ونفي مشابهة المخلوقين ومماثلتهم،

 وقوله: {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:11] يدل على إثبات هذه الصفات

وبهاتين القاعدتين يتميز منهج السلف الصالح رضوان الله عليهم عن غيرهم من الطوائف الضالة في هذا الباب

فالسلف الصالح يثبتون الصفات، وفي نفس الوقت ينفون مشابهة المخلوقات،
▪لكن أهل التعطيل لا يثبتون الصفات، بل يخالفون السلف في إثبات الصفات وغلبوا جانب النفي،
▪وأهل التشبيه والتمثيل غلبوا جانب الإثبات، وشبهوا الله سبحانه وتعالى بالمخلوقات،

وأما أهل السنة والجماعة فهم وسط: يثبتون الصفات، وينفون مشابهة المخلوقات،
وهم أهل الحق والاستقامة والعدل في هذا الباب.

نافي الصفات يعبد عدماً،
والمشبه لله تعالى بالمخلوقات يعبد صنماً، كما قال بعض السلف رضوان الله عليهم، 

  شرح القواعد المثلى - عبدالرحيم السلمي 
      



ليس كمثله شيء
قال تعالى { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ } (11)الشورى
يقول ابن عثيمين في تفسيره:-
فكل صفة يثبتها الله لنفسه وللمخلوق مثلهـا فـإن ذلك موافقـة للاسـم فقط،
أما في الحقيقة فليس كمثله شيء،
مثال ذلك
أثبت الله لنفسه علماً، وأثبت للمخلوق علماً،
قال الله تعالى:
{فإن علمتموهن مؤمنات}↔ فأثبت الله لنا علماً،
وأثبت لنفسه علماً ↔{علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم}

وليس العلم الذي أثبته لنفسه كعلم المخلوق
والدليل قوله تعالى:
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ۖ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }(11) 

فالله – عز وجل -  لا يمكن أن يماثله شيء من المخلوقات لا في ذاته، ولا في صفاته،
ولهذا لا يمكننا أن ندرك الله - عز وجل -  

نعلمه بآياته وصفاته وأفعاله، لكنا لا ندرك حقيقته - عز وجل - لأنه مهما قدرت من شيء فالله تعالى مخالف له غير مماثل.

يقول صالح آل الشيخ في كتاب التمهيد :- 
سبب ذكر السمع والبصر هنا في مقام الإثبات دون غيرهما من الصفات، لأن صفتي السمع
والبصر مشتركة بين أكثر المخلوقات الحية،
 فالإنسان له سمع وبصر وسائر أصناف الحيوانات لها سمع وبصر 

ومن المتقرر عند كل عاقل أن سمع هذه الحيوانات ليس متماثلا، وأن بصرها ليس متماثلا.
 فإذا كان كذلك كان اشتراك المخلوقات التي لها سمع وبصر في السمع والبصر اشتراكا في أصل المعنى، 

 ولكل سمع وبصر بما قدر له وما يناسب ذاته،  

 فإذا كان كذلك ولم يكن وجود السمع والبصر في الحيوان وفي الإنسان مقتضيا لتشبيه الحيوان بالإنسان،  

فكذلك إثبات السمع والبصر للملك الحي القيوم ليس على وجه المماثلة للسمع والبصر في الإنسان أو في المخلوقات،  

 فلله - جل وعلا - سمع وبصر يليق به،
 كما أن للمخلوق سمعا وبصرا يليق بذاته الحقيرة الوضيعة، 

 فسمع الله كامل مطلق من جميع الوجوه لا يعتريه نقص وبصره كذلك.

 فالواجب على العباد

أن يعلموا أن الله - جل جلاله - متصف بالأسماء الحسنى وبالصفات العلى
وأن لا يجحدوا شيئا من أسمائه وصفاته،
فمن جحد شيئا من أسماء الله وصفاته فهو كافر؛ لأن ذلك صنيع الكفار والمشركين.

القواعد المثلى - ابن عثيمين



وجه بطلان التمثيل والتكييف في باب الصفات
يلزم في إثبات الصفات التخلي عن محذورين عظيمين:
أحدهما: التمثيل.
والثاني: التكييف.

فأما التمثيل: فهو اعتقاد المثبت أن ما أثبته من صفات الله تعالى مماثل لصفات المخلوقين،
وهذا اعتقاد باطل بدليل السمع والعقل.

 ▫أما السمع: فمنه قوله تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ).
وقوله: (أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ).
وقوله: (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً).
وقوله: (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ).

وأما العقل فمن وجوه:
 الأول: أنه قد علم بالضرورة أن بين الخالق والمخلوق تبياناً في الذات،
وهذا يستلزم أن يكون بينهما تباين في الصفات؛ لأن صفة كل موصوف تليق به،
كما هو ظاهر في صفات المخلوقات المتباينة في الذوات، فقوة البعير مثلاً غير قوة الذرة،
فإذا ظهر التباين بين المخلوقات مع اشتراكها في الإمكان والحدوث، فظهور التباين بينها وبين الخالق أجلى وأقوى.

 الثاني: أن يقال: كيف يكون الرب الخالق الكامل من جميع الوجوه مشابهاً في صفاته للمخلوق المربوب الناقص المفتقر إلى من يكمله،
وهل اعتقاد ذلك إلا تنقص لحق الخالق؟!
فإن تشبيه الكامل بالناقص يجعله ناقصاً.

الثالث: أننا نشاهد في المخلوقات ما يتفق في الأسماء ويختلف في الحقيقة والكيفية،
فنشاهد أن للإنسان يداً ليست كيد الفيل، وله قوة ليست كقوة الجمل، مع الاتفاق في الاسم،
فهذه يد وهذه يد، وهذه قوة وهذه قوة، وبينهما تباين في الكيفية والوصف،
 فعلم بذلك أن الاتفاق في الاسم لا يلزم منه الاتفاق في الحقيقة.

 وأما التكييف: فهو أن يعتقد المثبت أن كيفية صفات الله تعالى كذا وكذا، من غير أن يقيدها بمماثل. وهذا اعتقاد باطل بدليل السمع والعقل.
 ▪أما السمع: فمنه قوله تعالى: (وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً).
وقوله: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً).

ومن المعلوم أنه لا علم لنا بكيفية صفات ربنا؛ لأنه تعالى أخبرنا عنها ولم يخبرنا عن كيفيتها،
فيكون تكييفنا قفواً لما ليس لنا به علم، وقولاً بما لا يمكننا الإحاطة به.

وأما العقل:
فلأن الشيء لا تعرف كيفية صفاته إلا بعد العلم بكيفية ذاته
أو العلم بنظيره المساوي له،
أو بالخبر الصادق عنه،
وكل هذه الطرق منتفية في كيفية صفات الله - عز وجل - فوجب بطلان تكييفها.
 وأيضاً فإننا نقول: أي كيفية تقدرها لصفات الله تعالى؟
 إن أي كيفية تقدرها في ذهنك، فالله أعظم وأجل من ذلك.
  وأي كيفية تقدرها لصفات الله تعالى فإنك ستكون كاذباً فيها؛ لأنه لا علم لك بذلك.

وحينئذ يجب الكف عن التكييف تقديراً بالجنان، أو تقديراً باللسان، أو تحريراً بالبنان.
 ولهذا لما سئل مالك - رحمه الله تعالى - عن قوله تعالى: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)
 كيف استوى؟ أطرق رحمه الله برأسه حتى علاه الرحضاء (العرق) ثم قال:
 "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة"

  وإذا كان الكيف غير معقول ولم يرد به الشرع فقد انتفى عنه الدليلان العقلي والشرعي فوجب الكف عنه.

فالحذر الحذر من التكييف أو محاولته، فإنك إن فعلت وقعت في مفاوز لا تستطيع الخلاص منها،
وإن ألقاه الشيطان في قلبك فاعلم أنه من نزغاته، فالجأ إلى ربك فإنه معاذك، وافعل ما أمرك به فإنه طبيبك،
قال الله تعالى: (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).

القواعد المثلى - ابن عثيمين


شرح ليس كمثله شيء و هو السميع البصير للشيخ العثيمين