التوكل أصل من أصول
الإيمان
التوكل مقام جليل
عظيم الأثر، بل ومن أعظم واجبات الإيمان وأفضل الأعمال والعبادات المقربة إلى
الرحمن، وأعلى مقامات توحيد الله سبحانه وتعالى ،
فإن الأمور كلها لا
تحصل إلا بالتوكل على الله والإستعانة به،
قال ابن القيم رحمه
الله:
▪التوكل نصف الدين
▪والنصف الثاني الإنابة
▪فإن الدين استعانة وعبادة،
▪فالتوكل هو الاستعانة والإنابة هي العبادة."
فمنزلة التوكل تشتد
الحاجة إليها وعباد الله تعالى حقاً إذا نابهم أمر من الأمور فروا إلى الله منيبين
إليه ومتوكلين عليه ،
وبذلك يسهل الله
الصعاب وييسر الله العسير ويحقق العبد ما يريد وهو مطمئن البال هاديء النفس راضٍ
بما قضاه الله عز وجل وقدره.
قال ابن القيم رحمه
الله:
ولو توكل العبد على
الله حق توكله في إزالة جبل من مكانه وكان مأموراً بإزالته لأزاله.
▫فالمسلم لا يرى التوكل على الله في جميع أعماله واجباً فقط
▫بل يراه فريضة دينية
▫ليس متعلقاً فقط بالأمور الدينية بل بالأمور الدنيوية
▫وليس بالأمور الدنيوية وطلب الرزق فقط
▫بل بعبادة الله سبحانه وتعالى فهو عقيدة
﴿وَعَلَى اللّهِ
فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ [المائدة: 23]
ولهذا كان التوكل على
الله نصف الدين ، بل هو الواجب لأنه أصل من أصول الإيمان
التوكل - أعمال
القلوب - الكلم الطيب
معنى التوكل لغة
واصطلاحا
تعريف التوكل في اللغة:
هو الاعتماد والتفويض
وتوكيل الأمر إلى الشخص
أي تفويضه به
والاعتماد عليه فيه
ووكل فلان فلاناً إذا
استكفاه واعتمد عليه وفوض الأمر إليه ووثق به ،
والتوكل إظهار العجز
والاعتماد على الغير،
وأصله من الوكول
ويقال وكلت أمري إلى فلان أي اعتمدت عليه .
وقد ورد لفظ التوكل
بالإفراد والجمع والماضي والمضارع والأمر في القرآن في اثنان وأربعون موضعاً،
كلها جاءت بمعنى
الاتكال والاعتماد على الله وتفويض الأمر إليه فالاسم التكلان،
وأيضاً من الأسماء
الوكالة ووكيل الرجل الذي يقوم بأمر فهو موكول إليه الأمر.
والتوكل في الاصطلاح
الشرعي:
▪هو صدق اعتماد القلب على الله عز وجل في استجلاب المصالح ودفع المضار
من أمور الدنيا والآخرة كما ذكر ابن رجب،
وقال الحسن أن يعلم
أن الله هو ثقته..!
وقال ابن عثيمين رحمه
الله:
▪صدق الاعتماد على الله عزوجل في جلب المنافع ودفع المضار
▪مع فعل الأسباب التي أمر الله بها ،↔وهذا تعريف جيد جامع.
وهذا التوكل لا ينقطع
ولا يخلو من اتخاذ الأسباب،
▪فهو ثقة بالله واعتماد عليه مع الأخذ بالأسباب، ↔فهو يلتئم هذين
الأصلين،
التوكل
- أعمال القلوب - الكلم الطيب
- شرح رياض الصالحين / باب اليقين والتوكل / لو أنكم تتوكلون على
الله-إذا آويت إلى فراشك / بن عثيمين
حقيقة التوكل
رُسُوخُ الْقَلْبِ
فِي مَقَامِ تَوْحِيدِ التَّوَكُّلِ.
فَإِنَّهُ لَا
يَسْتَقِيمُ تَوَكُّلُ الْعَبْدِ حَتَّى يَصِحَّ لَهُ تَوْحِيدُهُ.
بَلْ حَقِيقَةُ
التَّوَكُّلِ تَوْحِيدُ الْقَلْبِ.
فَمَا دَامَتْ فِيهِ
عَلَائِقُ الشِّرْكِ،
فَتَوَكُّلُهُ
مَعْلُولٌ مَدْخُولٌ.
وَعَلَى قَدْرِ
تَجْرِيدِ التَّوْحِيدِ تَكُونُ صِحَّةُ التَّوَكُّلِ
فَإِنَّ الْعَبْدَ
مَتَى الْتَفَتَ إِلَى غَيْرِ اللَّهِ أَخَذَ ذَلِكَ الِالْتِفَاتُ شُعْبَةً مِنْ
شُعَبِ قَلْبِهِ.
فَنَقَصَ مِنْ
تَوَكُّلِهِ عَلَى اللَّهِ بِقَدْرِ ذَهَابِ تِلْكَ الشُّعْبَةِ
وَمِنْ هَاهُنَا
ظَنَّ مَنْ ظَنَّ أَنَّ التَّوَكُّلَ لَا يَصِحُّ إِلَّا بِرَفْضِ
الْأَسْبَابِ.↔وَهَذَا حَقٌّ.
لَكِنَّ رَفْضَهَا
عَنِ الْقَلْبِ لَا عَنِ الْجَوَارِحِ.
فَالتَّوَكُّلُ لَا
يَتِمُّ إِلَّا
بِرَفْضِ
الْأَسْبَابِ عَنِ الْقَلْبِ،
وَتَعَلُّقِ
الْجَوَارِحِ بِهَا.
فَيَكُونُ
مُنْقَطِعًا مِنْهَا مُتَّصِلًا بِهَا.
وَاللَّهُ
سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
مدارج السالكين - ابن
القيم
حقيقة التوكل
اعْتِمَادُ الْقَلْبِ
عَلَى اللَّهِ، وَاسْتِنَادُهُ إِلَيْهِ، وَسُكُونُهُ إِلَيْهِ.
بِحَيْثُ لَا يَبْقَى
فِيهِ اضْطِرَابٌ مِنْ تَشْوِيشِ الْأَسْبَابِ، وَلَا سُكُونٍ إِلَيْهَا،
بَلْ يَخْلَعُ
السُّكُونَ إِلَيْهَا مِنْ قَلْبِهِ. وَيَلْبَسُهُ السُّكُونُ إِلَى مُسَبِّبِهَا.
وَعَلَامَةُ هَذَا أَنَّهُ
لَا يُبَالِي
بِإِقْبَالِهَا وَإِدْبَارِهَا.
وَلَا يَضْطَرِبُ
قَلْبُهُ وَيَخْفُقُ عِنْدَ إِدْبَارِ مَا يُحِبُّ مِنْهَا، وَإِقْبَالِ مَا
يَكْرَهُ؛
لِأَنَّ اعْتِمَادَهُ
عَلَى اللَّهِ، وَسُكُونَهُ إِلَيْهِ، وَاسْتِنَادَهُ إِلَيْهِ، قَدْ حَصَّنَهُ
مِنْ خَوْفِهَا وَرَجَائِهَا.
فَحَالُهُ حَالَ مَنْ
خَرَجَ عَلَيْهِ عَدُوٌّ عَظِيمٌ لَا طَاقَةَ لَهُ بِهِ. فَرَأَى حِصْنًا
مَفْتُوحًا،
فَأَدْخَلَهُ رَبُّهُ
إِلَيْهِ. وَأَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَ الْحِصْنِ.فَهُوَ يُشَاهِدُ عَدُوَّهُ
خَارِجَ الْحِصْنِ.
▫فَاضْطِرَابُ قَلْبِهِ وَخَوْفُهُ مِنْ عَدُوِّهِ فِي هَذِهِ الْحَالِ
لَا مَعْنَى لَهُ.
وَكَذَلِكَ مَنْ
أَعْطَاهُ مَلِكٌ دِرْهَمًا، فَسَرَقَ مِنْهُ.
فَقَالَ لَهُ
الْمَلِكُ: عِنْدِي أَضْعَافُهُ. فَلَا تَهْتَمَّ. مَتَى جِئْتُ إِلَيَّ
أَعْطَيْتُكَ مِنْ خَزَائِنِي أَضْعَافَهُ.
▫ فَإِذَا عَلِمَ صِحَّةَ قَوْلِ الْمَلِكِ، وَوَثِقَ بِهِ،
وَاطْمَأَنَّ إِلَيْهِ،
وَعَلِمَ أَنَّ
خَزَائِنَهُ مَلِيئَةٌ بِذَلِكَ - لَمْ يُحْزِنْهُ فَوْتُهُ.
وَقَدْ مُثِّلَ
ذَلِكَ بِحَالِ الطِّفْلِ الرَّضِيعِ فِي اعْتِمَادِهِ وَسُكُونِهِ.
وَطُمَأْنِينَتُهُ
بِثَدْيِ أُمِّهِ لَا يَعْرِفُ غَيْرَهُ. وَلَيْسَ فِي قَلْبِهِ الْتِفَاتٌ إِلَى
غَيْرِهِ،
كَمَا قَالَ بَعْض
الْعَارِفِينَ:
الْمُتَوَكِّلُ
كَالطِّفْلِ لَا يَعْرِفُ شَيْئًا يَأْوِي إِلَيْهِ إِلَّا ثَدْيَ أُمِّهِ،
كَذَلِكَ الْمُتَوَكِّلُ
لَا يَأْوِي إِلَّا إِلَى رَبِّهِ سُبْحَانَهُ.
مدارج السالكين - ابن
القيم
اجمل مقطع للتوكل على الله - يريح القلب لا يفوتك
عوائق تحقيق التوكل
▫1- الجهل بمقام الله من ربوبية وألوهية، وأسماء وصفات.
▫2- الغرور والإعجاب بالنفس.
▫3
- الركون للخلق والاعتماد عليهم في قضاء الحاجات.
▫4- حب الدنيا والاغترار بها مما يحول بين العبد والتوكُّل؛ لأنه عبادة لا
تصِح مع جعْل العبد نفسه عبدًا للدنيا.
أمور تنافي التوكل♦
من الأشياء التي
تنافي أصل التوكل:-
1- التعلق بسبب لا تأثير له - كالأموات، والغائبين، والطواغيت - فيما لا
يقدر عليه إلا الله.
2- اعتقاد أن السبب - سواء المشروع أو المحرم - فاعل بنفسه دون الله،
⬅فذلك شِرك أكبر،
ومما ينافي كمال
التوكل الواجب
1- التوكل في الأسباب الظاهرة العادية على أي شخص قادر حي فيما يقدر
عليه.
2- الاعتماد على أمر ليس سببًا شرعًا، مع اعتقاد أن الضر والنفع بيد الله
وحده؛
كالتطيُّر والتمائم
والتِّوَلة،
ومما ينافي التوكل
والتوحيد تعليق النجاح بالأسباب فقط.
والتطيُّر قادح في التوكل،
وذلك أن المتوكل على
الله يعلم أن ما أصابه لم يكن ليُخطئه، وما أخطأه لم ليكن ليُصيبه؛
قال تعالى:
﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا
وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التوبة: 51].
وأما المتطير، فهو في خوف وفزعٍ، دائمُ الاضطراب والقلق من أمور
مخلوقة، لا تملِك لنفسها ضرًّا ولا نفعًا.
التوكل على الله -أ.
د. سليمان بن قاسم بن محمد العيد - شبكة الألوكة
توضيح -معنى التمائم
والتولة
(التولة نوع من السحر يسمونه: الصرف والعطف،
والتمائم ما يعلق على
الأولاد عن العين أو الجن، وقد تعلق على المرضى والكبار، وقد تعلق على الإبل ونحو
ذلك)
علاقة التوكل
بالأسباب
مواقف الناس من
الأسباب على أربعة أقسام:
1- الالتفات إلى الأسباب بالكلية، واعتماد القلب والجوارح عليها من غير
نظر لمسببها:
كنظرة الماديين
والعقلانيين، فوقعوا في الشرك؛
↙لأنهم أثبتوا موجدًا مع الله، مستقلاًّ بالضر والنفع، ↔وهذا باطل
▪مخالف للكتاب والسنة والاجماع،
▪كما أن الأسباب قد تتخلف عن مسبباتها بإذن الله كما يشهد لذلك الحس.
2- الإعراض عن الأسباب بالكلية:
كنظر غالب الصوفية
للتوكل، فهم لا يرون تحقيق التوكل إلا في ترك الأسباب بالكلية،
فتركوا التكسب
والعمل، والاحتراز والاحتياط، والتزود في السفر والطعام، ↔ويرون ذلك كله منافيًا
للتوكل,
▪إن الإعراض عن الكسب والخمول بدعوى التوكل، له آفات ومفاسدُ يصعُب
حصْرها،
وهذا الموقف - أي:
(الإعراض عن الأسباب بالكلية) - حكَم عليه العلماء بأنه قدْح في الشرع.
3- نفي تأثير الأسباب بالكلية:
▪وصف العلماء هذا القول بأنه (نقص في العقل)،
▪وهو قول القدرية الجبرية، وهم يرون أن الله لم يخلق شيئًا سببًا، ولا
جعل في الأسباب قوى وطبائعَ تؤثر، وهذا
الموقف فاسد باطل مخالف للكتاب والسنة والإجماع.
4- قيام الجوارح بالأسباب، واعتماد القلب على مسبب الأسباب - سبحانه
وتعالى -:
هذا مذهب أهل السنة
والجماعة، ▫وهو الحق الذي دلَّ عليه الشرع والعقل،
▫وهو الوسط في كل مذهب،
فأثبت للأسباب
تأثيرًا في مسبباتها، لكن لا بذاتها،
بل بما أودعه الله
فيها من القوى الموجبة،
وهي تحت مشيئته
وقدرته،
فإن شاء منَع
اقتضاءَها،
وإن شاء جعلها مقتضية
لأحكامها،
فهم - أي: أهل السنة
والجماعة -
▫يوجبون الأخذ بالأسباب، ويعتقدون عدم منافاتها للتوكل،
▫بل إن التوكل من أعظم الأسباب في جلْب المنافع ودفْع المضار، ونفي
الفقر ووجود الراحة،
▫ويرون ضرورة الأخذ بالأسباب، مع عدم الاعتماد عليها،
▫ويكون التوكل بالقلب على الخالق، مع اتِّباع الأسباب في ظاهر الحال
فقط،
الأخذ بالأسباب ثم
الاعتماد على الله - عز وجل - هو مذهب أهل الحق من سلف الأمة.
والسبب الذي أُمر
العبد به - أمر إيجابٍ أو أمر استحباب - هو عبادة الله وطاعته له ولرسوله،
والله فرض على العباد
أن يعبدوه ويتوكلوا عليه؛
كما قال تعالى:
﴿ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ﴾ [هود: 123]
والمقصود أن الله لم
يأمر بالتوكل فقط، بل أمر مع التوكل بعبادته وتَقواه التي تتضمن فعل ما أمر، وترْك
ما حذَّر،
▪فمن ظنَّ أنه يرضي ربَّه بالتوكل دون فعْل ما أمره به، كان ضلالاً،
▪كما أن مَن ظن أنه يقوم بما يرضي الله عليه دون التوكُّل عليه، كان
ضلالاً،
▪وأن مَن ظنَّ أن التوكل يغني عن الأسباب المأمور بها، فهو ضال؛
التوكل على الله - أ
. د. سليمان بن قاسم بن محمد العيد - شبكة الألوكة
التوكل على الله - الشيخ محمد بن محمد
المختار الشنقيطي
حقيقة الأسباب
بيان الأسباب
السبب هو ما يُتوصَل
به إلى غيره.
والسبب باعتبار
المشروعية ينقسم إلى قسمين:
الأول: سبب مشروع
▫وهو ما كان سبباً للمصلحة أصالة وشهد له الشرع
▫وإن كان مؤدياً إلى بعض المفاسد تبعاً
كالجهاد في سبيل الله
فإنه سبب لإقامة الدين وإعلاء كلمة الله وإن أدى في الطريق إلى نوع من المفاسد
كإتلاف الأنفس وإضاعة الأموال.
الثاني: سبب غير
مشروع
▫وهو ما كان سبباً للمفسدة أصالة وشهد الشرع ببطلانه
▫وإن ترتب عليه نوع من المصلحة تبعاً
كالقتل بغير حق فإنه
سبب غير مشروع وإن ترتب عليه ميراث ورثة المقتول.
السبب باعتبار مصدره
ينقسم إلى ثلاثة أقسام:-
1 - سبب شرعي وهو ما كان مستمداً من الشارع فقط.
2 - سبب عقلي وهو ما كان مستمداً من العقل فقط.
3 - سبب عادي وهو ما كان مستمداً من العادة المألوفة المتكرر وقوعها وقد
يكون الشرع أشار إليها ضمناً أو تعييناً.
▪هنالك أسباب شرعية مصدرها الكتاب والسنة
▪وهنالك أسباب طبيعية أرشد إليها الشرع بشكل عام
▫وكل سبب شرعي هو سبب طبيعي
▫وليس كل سبب طبيعي هو سبب شرعي على التفصيل والتعيين
وما سوى هذه الأسباب
فهي أسباب وهمية.
شفاء
الضرر بفهم التوكل والقضاء والقدر - أبو فيصل البدراني
الاعتماد على رب
الأسباب
الأسباب لا يُعتمد
عليها وإنما يُعتمد على الله سبحانه
الذي هو مُسَبِّب
الأسباب
ومُوجد السبب
والمسبب،
ولا يقوم الإيمان
ومقاماته وأعماله إلا على ساق التوكل
والتوكل على الله لا
ينافي السعي في الأسباب والأخذ بها
فإن الله سبحانه قدَر
مقدورات مربوطة بأسبابها
وقد أمر الله بتعاطي
الأسباب مع أمره بالتوكل
فالأخذ بالأسباب طاعة
لله وهو من عمل الجوارح
والتوكل على الله
طاعة له سبحانه وهو من عمل القلب وهو إيمان بالله
وعلى هذا فلا يضر
مباشرة العبد للأسباب مع خلو القلب من الاعتماد عليها والركون إليها ,
▪والأسباب تذهب وتأتي
▪ومسبب الأسباب باقٍ موجود سبحانه وتعالى ,
▪ويجب أن يكون الأخذ بالأسباب الجائزة شرعاً
▪فإن من توكل على الله حق توكله لم يرتكب ما يخالف شرعه.
من يترك الأخذ
بالأسباب مع القدرة عليها يُخشى عليه أنه يمتحن ويختبر ربه - تعالى الله عن ذلك -,
🔹والله يختبر العباد وليس للعباد أن يختبروا الله عز وجل.-
شفاء
الضرر بفهم التوكل والقضاء والقدر - أبو فيصل البدراني
التوكل على الله من
الأسباب
التوكل على الله سبب
وهو من أقوى الأسباب في حصول المأمول
ومن اعتمد على عقله
ضل
ومن اعتمد على جاهه
ذل
ومن اعتمد على ماله
قل
ومن اعتمد على الله
لا قل ولا ضل ولا ذل.
من تمام التوكل على
الله عز وجل العمل بشرعه ومن شرعه اتخاذ الأسباب وأخذ ظروف الواقع بعين الاعتبار
دون إفراط أو تفريط , ومن حقق ذلك كان الله حسبه.
التوكل وغيره من
الأسباب الشرعية كالدعاء وتقوى الله والاستغفار
مما يُستدفع به
المقدور المكروه ويُستجلب به المقدور المحبوب ,
والقدر يُدفع بعضه
ببعض
▫كما يُدفع قدر المرض بالدواء
▫وقدر الذنوب بالتوبة
▫وقدر العدو بالجهاد
فكلاهما من القدر.
شفاء
الضرر بفهم التوكل والقضاء والقدر - أبو فيصل البدراني
الفرق بين التوكل
والاتّكال
إنّ الأخذ بالأسباب
مع تفويض أمر النّجاح للّه تعالى والثّقة بأنّه عزّ وجلّ لا يضيع أجر من أحسن
عملا،
هو من التّوكّل
المأمور به،
أمّا القعود عن
الأسباب وعدم السّعي
فليس من التّوكّل في
شيء
▪وإنّما هو اتّكال أو تواكل▪
حذّرنا منه رسول
اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ونهى عن الأسباب المؤدّية إليه،
مصداق ذلك ما جاء في
حديث معاذ- رضي اللّه عنه- قال:
قال رسول اللّه صلّى
اللّه عليه وسلّم:
«يا معاذ، تدري ما حقّ اللّه على العباد وما حقّ العباد على اللّه؟»
قال (معاذ): قلت:
اللّه ورسوله أعلم.
قال: «فإنّ حقّ اللّه
على العباد أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئا، وحقّ العباد على اللّه عزّ وجلّ
ألّا يعذّب من لا يشرك به شيئا»
قال: قلت: يا رسول
اللّه، أفلا أبشّر النّاس؟
قال: «لا تبشّرهم
فيتّكلوا»،رواه مسلم
وهنا يضع الرّسول
صلّى اللّه عليه وسلّم قاعدة جليلة،
هي أنّ كلّ ما يؤدّي
إلى ترك العمل
أو ما يكون مظنّة
للاتّكال أو التّواكل ↔ليس من التّوكّل في شيء،
وقد جاء في حديث أبي
هريرة- رضي اللّه عنه- ما يؤكّد هذه الحقيقة، ففي الحوار الّذي رواه أبو هريرة عن
المصطفى صلّى اللّه عليه وسلّم وعمر بن الخطّاب- رضي اللّه عنه- هذا الحوار- كما
جاء في رواية مسلم:
قال عمر: يا رسول
اللّه، بأبي أنت وأمّي، أبعثت أبا هريرة بنعليك، من لقي يشهد ألّا إله إلّا اللّه
مستيقنا بها قلبه، بشّره بالجنّة؟
قال: «نعم»،
قال (عمر): فلا تفعل،
فإنّي أخشى أن يتّكل النّاس عليها، فخلّهم يعملون».
قال رسول اللّه صلّى
اللّه عليه وسلّم: «فخلّهم » .
ويفهم من الحديث
والّذي قبله أنّ الاتّكال يعني ترك العمل
وعدم الأخذ بالأسباب وأنّ ذلك ليس من التّوكّل في شيء.
كتاب - نضرة النعيم
دلائل التوكل
كيف تعرف أنك تتوكل
بقلبك؟
1- استشعار اسم الوكيل في الظروف الصعبة
▪قصة سيدنا إبراهيم عندما ألقوه في النار، كان عمره ستة عشر عاماً
عندما قرر أن يكسر الأصنام
"قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيم
" (الآية 60 سورةالانبياء)
"
قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ
" (الآية 68 سورةالانبياء)
ثم بنوا له بنياناً
خارج البلدة،
ويأتيه جبريل عليه
السلام ويقول له "ألك حاجة ؟ "
فيجيبه إبراهيم عليه
السلام
"
أما لك فلا يا جبريل،
وأما إلى الله فنعم..
حسبي الله ونعم
الوكيل "،
ثم دخل النار وخرج
منها بعد أيام!! ماذا حدث؟!
"
قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى
إِبْرَاهِيمَ"
(الآية 69 سورةالانبياء)،
إذن أهم نقطة هي
الاستشعار بالوكيل في ساعات الضيق،
فالتوكل هو الاسترسال
مع الله حيث يشاء.
2- الاختبار
أحياناً يغلق الله
عليك أسباب الدنيا التي تعتمد عليها
حتى يرى هل تضع كل
آمالك في الوكيل أم لا..
▫ففلان يستقيل، والآخر يتوفى.
النبي صلى الله عليه
وسلم في أصعب فترات الدعوة يتوفى عمه أبو طالب الذي كان بمثابة السند والحماية،
وتتوفى زوجته السيدة
خديجة التي كانت مصدر الحنان والرعاية.. لماذا؟!
حتى يقول له الله
سبحانه.. من لك غيري يدافع عنك؟
3- لا تأكل حراما
▪"
من أكل فلساً من حرام فليس بمتوكل "
▪فأنت عندما أكلت مالاً حراماً صرت غير مؤمن بأنه الوكيل بأرزاقك.
▫انظر إلى مَثل الجنين الذي في بطن أمه.. كان مصدر رزقه الوحيد هو
الدم، فعندما خرج إلى الدنيا بكى، لأن مصدر الرزق انقطع،
▫فإذا بالله يبدله بمصدرين للرزق.. ثديي الأم. وبكى عند الفطام لفقدانه
اللبن،
فوجد أن الوكيل قد
أعد له أربعة مصادر للرزق.. لحوم وأسماك واللبن والمياه.
فكل مرة تبكي فيها
تجد ان الوكيل قد أعد لك مصادر رزق أكثر.
4- ألا تبالغ في الخوف على المستقبل
▪ كلنا نخاف على المستقبل ولكن لا تبالغ في حرصك، فلا تكونن من
المبالغين،
والأمهات أكثر من
يتعبن من أجل أبنائهن، وقد كان رزقهم يأتيهم وهم أجنة في بطونهن..
5- أن تتحرك في الحياة بجسمك وأنت تسلم قلبك للوكيل.
معنى
اسم الله "الوكيل" - منتدى الإسلام والحياة
صدق التوكل على الله
درجات التوكل
للتَّوَكُّل درجات
ذكرها ابن القيم في مدارج السَّالكين نوردها بتصرف :
1- معرفة بالرَّبِّ وصفاته
▪قراءة الكتب التي تشرح أسماء الله الحسنى هي أول درجات التَّوَكُّل؛
▪فمعرفتُك بأسماء الله وصفاته تعني أن تعرف من تتوكَّل عليه، وكيف
تتوكَّل عليه حقَّ تَوَكُّله .
2- إثبات في الأسباب والمسبِّبات؛
▪ فالتَّوَكُّلُ كالدُّعاء الذي جعله الله سببًا في حصول المدعوِّ به،
▪فإذا لم يأت بالسَّبب امتنع المسبب،
▪والتَّوَكُّلُ من أعظم الأسباب التي يَحصل بها المطلوب ويندفع بها
المكروه .
3- رسوخ القلب في مقام توحيد التَّوَكُّل
▪فإنَّ العبدَ متى التفت إلى غير الله أخذ ذلك الالتفات شعبة من شعب قلبه
فنقص من توكُّله على
الله بقدر ذهاب تلك الشعبة؛
فمن يلجأ لساحر لجلب
محبَّة زوج أو رزق أو غيره لا يعرف حقًّا معنى اسم الوكيل، وهو يتَّكل على غير
الله،
▪وقد حرَّم – تعالى - على عباده التَّوَكُّل على غيره واتِّخاذ غيره
وليًّا أو معبودًا يفوِّضون إليه أمورهم؛
"أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا" [الإسراء: 2]؛
▪فهو وحده حسبهم ونعم الوكيل؛ حتى نفس الإنسان لا يستطيع الاتِّكال
والاعتماد عليها متوهِّمًا في نفسه القدرة أو القوة؛
▪فقد كان من دعاء أكرم الخلق صلى الله عليه وسلم :
«اللهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو فَلاَ تَكلني إلى نَفْسي طَرْفَةَ
عَيْن»( أبو داود وحسنه الألباني) .
4- اعتمادُ القلب على الله واستنادُه إليه وسكونُه يُحَصِّنُه من الخوف
من الدُّنيا أو رجائها؛
مع الله - شرح اسم
الوكيل - الكلم الطيب
تابع درجات التوكل
5- حُسْنُ الظَّنِّ بالله
▪على قدر حسن ظنك بربك ورجائك له يكون توكُّلُك عليه،
▪ولذلك فَسَّرَ بعضهم التَّوَكُّلَ بحسن الظَّنِّ بالله؛
▪إذ لا يتصوَّر التَّوَكُّل على من ساء ظنُّك به،
▪ولا التَّوَكُّل على مَنْ لا ترجوه .
6- استسلام القلب لله تعالى
▪الاستسلام لتدبير الرَّبِّ كتسليم العبد الذليل نفسه لسيِّده وانقياده
له وترك منازعات نفسه وإرادتها مع سيده تعالى .
7- التفويض
▪وهو روح التَّوَكُّل ولُبُّه وحقيقته؛
▪وهو إلقاء أموره كلِّها إلى الله وإنزالها به طلبًا واختيارًا لا
كرهًا واضطرارًا؛
"أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ
بِالْعِبَادِ" [غافر: 44]
▪وهو كتفويض الابن العاجز الضَّعيف المغلوب على أمره كلَّ أموره إلى
أبيه المتولِّي كفايتَه وحسنَ ولايته،
▪وإذا وضع قدمَه في درجة التَّفويض انتقل منها إلى درجة الرِّضا.
8- الرضا
▪ هو ثمرةُ التَّوَكُّل وأعظم فوائده؛ فالمقدور يكتنفه أمران:
التَّوَكُّل قبله،
والرضا بعده؛
▪فمَن تَوَكَّلَ على الله قبل الفعل ورضي بالمقضيِّ له بعد الفعل؛
فقد قام بالعبودية؛
وهذا معنى قول بشر
الحافي :
«يقول أحدهم : توكَّلت على الله , يكذب على الله؛ لو توكل على الله
لرضي بما يفعله الله به» .
باستكمال هذه
الدَّرَجات الثَّمان يَستكمل العبدُ مقامَ التَّوَكُّل، وتثبت قدمه فيه؛
فلا يَشتبه لديه
التَّفويض بالإضاعة ولا التَّوكُّل بالراحة،
ولا اشتباه الثقة
بالله بالغرور والعجز،
وهذه الأخيرة الفرق
بينهما
أنَّ الواثقَ بالله
قد فعل ما أمره الله به ووثق بالله في طلوع ثمرته كغارس الشجرة،
والمغترُّ العاجز فرط
فيما أُمر به وزعم أنَّه واثقٌ بالله،
والثِّقةُ إنَّما
تصحُّ بعد بذل المجهود.
مع
الله - شرح اسم الوكيل - الكلم الطيب
أعمال القلوب
د.خالد السبت منزلة التوكل انواع
التوكل
من ثمرات
التوكل
أنّه
من كمال الإيمان وحسن الإسلام.
يجلب
محبّة اللّه تعالى ومعونته ونصره وتأييده.
دوام
طلب المعونة من اللّه الملك ليقين المتوكّل بالعجز التّامّ عن تحصيل ما يريده وتمام
قدرة اللّه على إنجاز كلّ ما يريد وفوق ما يريد.
الحفظ
والمنعة من الشّيطان الرّجيم ومن البشر اللّئيم.
الوقوف
على الحدود الشّرعيّة وعدم الخوض في الحرام.
ترك
المزاحمة مع النّاس؛ لأنّ المتوكّل لا يخاف فوت شيء قدّر له.
قطع
الطمع فيما في أيدي النّاس توكّلا على ما عند اللّه.
راحة
البال واستقرار الحال.
لا يمنع
الأخذ بالأسباب المشروعة المباحة مع الخروج من أسرها.
يحقّق
طاعة اللّه ورسوله صلّى اللّه عليه وسلّم.
يحقّق
رضا اللّه، فيجعل للعبد مخرجا ويكفّر عنه سيّئاته.
يهيّأ
صاحبه للفوز بصحبة النّبيّين في جنّات النّعيم.
من أسباب
سعة الرّزق.
به تمام
المعونة من اللّه- عزّ وجلّ- ممّا يدفع عن المتوكّل شرّ الأشرار من الشّيطان ومن كلّ
من يكيده.
كتاب
نضرة النعيم
تابع
من ثمرات التوكل
يورث
قوة القلب وشجاعته، وثباته وتحدِّيه للأعداء، ويُورث القوة الروحية؛
لحديث:
(... ومن سرَّه أن يكون أقوى الناس، فليتوكل على الله...)؛ رواه ابن أبي حاتم، وعبدالله
بن أحمد في الزهد، وضعَّفه العراقي في تخريج الإحياء، وحسَّنه المناوي في التيسير تبعًا
للسيوطي،
ويورث
العزة؛
قال
تعالى: ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ ﴾ [الشعراء: 217]،
﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ
عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [الأنفال: 49]،
﴿ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ
وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ
فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [آل عمران: 160]،
﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا ﴾
[الأحزاب: 3]،
قال
الحسن:
▪"العز والغنى يَجولان في طلب التوكل، فإذا ظَفِرا
أَوْطَنَا."
يورث الصبر والتحمل؛
↩ولهذا اقترن الصبر بالتوكل على الله في مواضع من
القرآن؛ منها:
﴿ الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾
[العنكبوت: 59]،
﴿ وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى
اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴾ [إبراهيم: 12].
يورث النصر والتمكين؛
↩ولهذا قرن الله تعالى بينه وبين التوكل في قوله:
﴿ إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ
وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ
فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [آل عمران: 160]،
﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ
عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [الأنفال: 49].
يقوِّي العزيمة والثبات على الأمر:
قال
تعالى: ﴿ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾
[آل عمران: 159]،
وقال
تعالى: ﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا
وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [التوبة: 51]،
يطرد
التطيُّر والأمراض القلبية؛ كالتشاؤم، ولُبْس الحلقة والخيط؛
قال
ابن مسعود: "وما منَّا إلاَّ ولكنَّ الله يُذهبه بالتوكل)،
بعد
أن ذكر حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -:
((الطِّيَرة شِرك))؛ رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي،
وابن ماجه، وابن حبان، والحاكم وصحَّحه،
سبب
في دخول الجنة بلا حساب ولا عذاب؛
لحديث
ابن عباس في السبعين ألفًا الذين يدخلون الجنة بغير حساب؛ متفق عليه.
التوكل
على الله - أ. د. سليمان بن قاسم بن محمد العيد - شبكة الألوكة
عجائب القلوب
للدكتور عمر عبدالكافي -التوكل على الله(2/2)