نواقض شهادة
أن لا إله إلا الله
إنَّ مما ينبغي أن يهتم
به المسلم في هذا الباب العظيم معرفةَ نواقض هذه الكلمة ليكون منها على حذر،
↩فإنَّ الله - تبارك
وتعالى - قد بيّن في كتابه سبيل المؤمنين المحقّقين لهذه الكلمة مفصّلة، وبيّن
سبيل المجرمين المخالفين لها مفصّلة،
ومن لم يعرف سبيل
المجرمين ولم تستبِن له طريقهم أوشك أن يقع في بعض ما هم فيه من الباطل،
↩ولذا قال أمير المؤمنين
عمرُ بنُ الخطاب رضي الله عنه: "إنَّما تُنقض عرى الإسلام عروةً عروةً إذا
نشأ في الإسلام من لم يعرف الجاهلية"
وما من ريب أنَّ في معرفة
المسلم لهذه النواقض فائدةً عظيمةً في دينه،
إذا عرفها معرفة
يقصد من ورائها السلامة من هذه الشرور،
والنجاة من تلك
الآفات،
ولهذا فإنَّ من عَرَفَ
الشركَ والكفرَ والباطلَ وطرقَه وأبغضها وحذرها وحذّر منها ودفعها عن نفسه ولم
يدعها تخدش إيمانه،
بل يزداد بمعرفتها بصيرة
في الحق ومحبة له،
وكراهة لتلك الأمور
ونفرةً عنهاكان له في معرفته هذه من
الفوائد والمنافع ما لا يعلمه إلا الله،
وإذ كان الأمر بهذه الحال
وعلى هذا القدر من الأهمية
↩فإنَّ الواجب على كلِّ
مسلم أن يعرف الأمور التي تناقض كلمة التوحيد لا إله إلا الله ليكون منها على حذر،
وهي كما تقدّم
تنتقض بأمورٍ كثيرةٍ، إلا أنَّ أشدَّ هذه النواقض خطرًا وأكثرها وقوعاً عشرةُ
نواقض ذكرها غيرُ واحد من أهل العلم - رحمهم الله-
وفيما يلي ذكر لها
على سبيل الإيجاز ليحذرها المسلم رجاء السلامة والعافية منها
نواقض
شهادة أن لا إله إلا الله
الأول: فهو الشرك في عبادة
الله،
قال الله - تعالى -:
{إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن
يَشآءُ} 48 النساء
ومن ذلك دعاءُ الأموات
والاستغاثةُ بهم،
والنذرُ والذبحُ
لهم، ونحو ذلك.
الثاني: من جعل بينه وبين الله
وسائط يدعوهم
ويسألهم الشفاعة
ويتوكّل عليهم فقد كفر
إجماعاً،
قال الله - تعالى -: {وَيَعْبُدُونَ
مِن دُونِ اللهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ َيَقُولُونَ هَؤُلاَءِ
شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي
السَّمَوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}.18
يونس
الثالث: من لم يُكفِّر المشركين
أو شَكَّ في كفرهم
أو صحّح مذهبهم كَفَر.
قال الله - تعالى
-:{وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ
ابْنُ اللَّهِ ۖ ذَٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ ۖ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ
الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ ۚ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ ۚ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ}
[التوبة : 30]
الرابع: من اعتقد أنَّ هدي غير
النبي صلى الله عليه وسلم أكملُ من هديه،
أو أنَّ حكم غيره أحسنُ
من حكمه،فهو كافرٌ؛
كالذين يفضِّلون
حكم الطاغوت على حكمه سبحانه وتعالى.
قال الله - تعالى-:{فَلَا
وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ
لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}
[النساء 65]
الخامس: من أبغض شيئاً مما جاء
به الرسول صلى الله عليه وسلم ولو عمل به فقد كفر؛
لقوله تعالى:
{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ} 9 محمد
دراسات في الباقيات الصالحات - عبد الرزاق البدر
السادس: من استهزأ بشيء من دين
الرسول صلى الله عليه وسلم
أو ثوابه أو
عقابه كفر،
والدليل قوله تعالى:
{قُلْ أَبِاللهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ لاَ تَعْتَذِرُوا
قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ).التوبة
السابع: السحرُ، ومنه الصرف
والعطف،
فمن فعله أو رضي به كفر،
والدليل قوله - تعالى:
{وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ
تَكْفُرْ} 102 البقرة .
الثامن: مظاهرة المشركين
ومعاونتهم على المسلمين،
والدليل قوله -تعالى:
{وَمَن يتولهم مِنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي القَوْمَ
الظَّالِمِينَ} 51 المائدة.
التاسع: من اعتقد أنَّ بعض
الناس يَسَعُه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم، فهو كافر؛
لقوله تعالى: {وَمَن
يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ
مِنَ الخَاسِرِينَ} 85 آل عمران.
العاشر: الإعراض عن دين الله لا
يتعلّمه ولا يعمل به،
والدليل قوله تعالى:
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا
مِنَ المُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ} 32 السجدة
⤴فهذه عشرة أمورٍ من نواقض
كلمة التوحيد لا إله إلا الله،
فمن وقع في شيء
منها - والعياذ بالله انتقض توحيده،
وانهدم إيمانه،
ولم ينتفع بقوله: لا إله
إلا الله.
وقد نصّ أهل العلم على
أنَّه لا فرق في جميع هذه النواقض بين الهازل والجاد،
والخائف إلا المكره،
وجميع هذه النواقض
هي من أعظم ما يكون خطرًا، وأكثر ما يكون وقوعاً،
↩ فينبغي للمسلم أن
يحذرها ويخاف منها على نفسه،
نعوذ بالله من موجبات
غضبه وأليم عقابه، ونسأله - سبحانه - أن يُوفِّقنا جميعا لما يرضيه، وأن يهدينا
وجميع المسلمين صراطه المستقيم، إنَّه سميعٌ مجيبٌ قريبٌ.
دراسات في الباقيات
الصالحات - عبد الرزاق البدر
ملاحظة :- معنى (الصرف
والعطف،)
الصرف هو صرف الرجل عما
يهوى، كصرفه مثلا عن محبة زوجته إلى بغضها،
والعطف عمل سحري كالصرف،
ولكنه يعطف الرجل عما لا يهواه إلى محبته بطرق شيطانية .
نواقض الاسلام العشرة مع الشيخ نبيل العوضي