حلية طالب العلم


إن من خير ما تعمر به الأوقات الاشتغال بالعلوم الشرعية
طلباً وتحصيلاً ، مذاكرة وتعليماً ،
فطلب العلم الشرعي من أفضل القربات وأجل الطاعات،
ولذا اهتم كثير من العلماء قديماً وحديثاً ببيان الآداب التي ينبغي أن يتأدب بها طلاب العلم؛ فهي حليته ووسيلته إلى الفلاح والنجاح،
كما بيّنوا الأخلاق المحمودة ، والأخلاق المذمومة في الطلب ، والتي تكون معرفتها والعمل بها - امتثالاً وتركاً- سبيلاً لنيل مايريد من العلم ، وتحصيل ثمرته ومنها :-

1- إخلاص النية لله تعالى:
فالعلم طاعة وعبادة ، والإخلاص لله تعالى واجب في جميع العبادات وسائر الطاعات،
قال تعالى: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ {5}) سورة البينة .

والإخلاص في العلم أن يبتغي به وجه الله تعالى ،
فإذا كان هَمُّ طالب العلم تحصيل شهادة،
أو تبوء منصب لكسب منافع مادية فحسب ؛ فإنه لا يكون مخلصا في طلب العلم .
عن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-:
((من تعلّم علماً مما يبتغَى به وجه الله - عز وجل- لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة)) يعني ريحها .أخرجه أحمد ، وأبو داود  وابن ماجه  وصححه الحاكم
وقد حثنا النبي صلى الله عليه وسلم على إخلاص النية لله تعالى، كما في حديث عمر المتفق عليه:

(إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى.. )) الحديث. رواه البخاري ، ومسلم.

آداب طالب العلم - إبراهيم العثمان - ملتقى أهل الحديث



الإخلاص في طلب العلم  

ذكر العلماء أن الاشتغال بطلب العلم الشرعي أفضل من
 الاشتغال بنوافل العبادات.
ويكون المشتغل به مشتغلاً بعبادة جليلة يؤجر ويثاب عليها مع النية.
ولهذا ينبغي لطالب العلم
يكون مستحضراً إخلاص النية لله عز وجل .

لأن طلب العلم بدون هذه النية قد يكون وبالاً على صاحبه .

فقد جاء فى صحيح مسلم  
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:
«إنّ أَوّلَ النّاسِ يُقْضَىَ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَيْهِ،رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟
قَالَ: قَاتَلْتُ فِيكَ حَتّىَ اسْتُشْهِدْتُ،قَالَ: كَذَبْتَ،وَلَكِنّكَ قَاتَلْتَ لأَنْ يُقَالَ جَرِيءٌ،فَقَدْ قِيلَ،ثُمّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَىَ وَجْهِهِ حَتّىَ أُلْقِيَ فِي النّارِ،
وَرَجُلٌ تَعَلّمَ العِلْمَ وَعَلّمَهُ وَقَرَأَ القُرْآنَ،فَأُتِيَ بِهِ، فَعَرّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا،قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلّمْتُ العِلْمَ وَعَلّمْتُهُ وَقَرَأْتُ فِيكَ القُرْآنَ،
 قَالَ: كَذَبْتَ وَلََكِنّكَ تَعَلّمْتَ العِلْمَ لِيُقَالَ عَالِمٌ، وَقَرَأْتَ القُرْآنَ لِيُقَالَ هُوَ قَارِىءٌ،فَقَدْ قِيلَ،ثُمّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَىَ وَجْهِهِ حَتّىَ أُلْقِيَ فِي النّارِ،
وَرَجُلٌ وَسّعَ الله عَلَيْهِ وَأَعْطَاهُ مِنْ أَصْنَافِ المَالِ كُلّهِ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهَا إلاّ أَنْفَقْتُ فِيهَا لَكَ،قَالَ: كَذَبْتَ، وَلََكِنّكَ فَعَلْتَ لِيُقَالَ هُوَ جَوَادٌ،فَقَدْ قِيلَ،ثُمّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَىَ وَجْهِهِ، ثُمّ أُلْقِيَ فِي النّارِ». أخرجه مسلم.

قال ابن القيم رحمه الله:
هذا الرجل وأمثاله لو أنه سلم من هذا العلم لكان أحسن له.
 لأن هذا العلم تسبب فى أن
 يكون من أول من تسعر بهم النار يوم القيامة .
ففساد النية فى طلب العلم
يكون وبالاً على صاحبه.

كيف يحقق طالب العلم إخلاص النية لله عزوجل فى طلبه

أولاً :- أن ينوي رفع الجهل عن نفسه.

 ثانياً :- أن ينوي رفع الجهل عن غيره.

ثالثاً :- أن ينوي الدعوة إلى الله عز وجل، والدفاع عن دينه.
 ولا يريد بذلك رياءً ولا سمعة، ولا جاهاً.
 والتقرب إلى الله عز وجل بطلبه هذا العلم.

فبذلك تكون نيته خالصة، ويكون تحصيله وطلبه لهذا العلم  عبادة تقربه إلى الله عز وجل.

محاضرة عن فضل العلم وآدابه- د/ سعد بن تركي الخثلان 



       
2- التقوى من آداب طالب العلم

2⃣ تقوى الله - عز وجل-: 
فالعلماء هم أعرف الناس بالله وأتقاهم له،
قال تعالى: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ {28}) سورة فاطر.
وبالتقوى يزداد العالم علما ،
 وبالعلم يزداد التقي تقوى

قال تعالى: (وَاتَّقُواْ اللّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللّهُ وَاللّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {282}) البقرة 

والتقوى هي جماع كل خير، ووصية الله للأولين والآخرين،
قال تعالى في سورة النساء: (وَللّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا {131}). 
وقال - عز وجل- في سورة الأنفال: ( يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ {29}) .

أي يجعل لكم ما تٌفرقون به بين الحق والباطل، وبين الصحيح والسقيم، وبين الغث والسمين،
وذلك إنما يكون بنور العلم وميزانه، ونبراسه ومقياسه،
فالعلم ثمرة من ثمرات التقوى، والتقوى سبيل إلى نيل العلم ، والعلم يرقى بصاحبه إلى أعلى درجات المعرفة بالله، والخشية من الله،
ومن أول ما يدخل في ذلك القيام بشعائر الإسلام وظواهر الأحكام:
ومن ذلك المحافظة على الصلاة في المساجد، وإفشاء السلام للخواص والعوام،
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
وإظهار السنن، وإخماد البدع، وغير ذلك من الأحكام الظاهرة ليحصل التأسّي به، وليصون عرضه عن الوقيعة والظنون المكروهة.
ومن ذلك أيضاً المحافظة على المندوبات الشرعية القولية والفعلية:
ومن ذلك تلاوة القرآن الكريم بتفكّر وتدبّر،
والإكثار من ذكر الله تعالى بالقلب واللسان،
والإلحاح في الدعاء والتضرع بإخلاص وصدق،
والاعتناء بنوافل العبادات من الصلاة والصيام والصدقة وحج بيت الله الحرام، والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم-،
وغير ذلك من فضائل الأقوال والأعمال التي يراد العلم لأجلها.

آداب طالب العلم - إبراهيم العثمان - ملتقى أهل الحديث




اخلاص النية في طلب العلم للشيخ محمد المختار الشنقيطي :


3-العمل بالعلم من آداب طالب العلم
فالعلم إن لم يترجم إلى عمل فما الفائدة منه،
فعلى طالب العلم كما يجد في الطلب أن يجد في العمل، فإنه أولى الناس بقطف ثمرات علمه،
 ولقد مدح الله - عز وجل- في كتابه الكريم العاملين بما علموا ،

قال تعالى: ( وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ {17} الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ {18}) سورة الزمر 

كما ذم الله أولئك الذين لا ينتفعون بما يحملونه من علم، وشبههم - عز وجل- بالحمار الذي يحمل أسفارا لا يعرف قيمتها،
فضلا عن جهله بما تحويه من درر،
قال تعالى في سورة الجمعة: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ {5} }.

وقال ابن جماعة الكناني بعدما بيّن فضل العلم:
"واعلم أن جميع ما ذكر من فضل العلم والعلماء إنما هو في حق العلماء العاملين الأبرار المتقين،
الذين قصدوا به وجه الله الكريم، والزلفى لديه في جنات النعيم ،
لا من طلبه بسوء نية، وخبث طوية
 أو لأغراض دنيوية ، من جاه أو مال أو مكاثرة في الأتباع والطلاب "

4- عدم الخجل في الطلب  

 أن لا يمنعه خجله من السؤال :
ولذلك قال بعض السلف : " لا يتعلم العلم مستحٍ ولا مستكبر " ،
يحمله تكبره على أن يعجب بنفسه ويبقى على جهله،
وكذلك أيضا يحمله خجله عن أن لا يطلب أو يستفيد ممن معه علم فيبقى على جهله.

آداب طالب العلم - إبراهيم العثمان - ملتقى أهل الحديث 


 5-  الصبر على طلب العلم

 لما كان العلم أشرف النعم، وأعلى المنازل والرتب،
ولما كان كذلك ميراث الأنبياء،
وكان الطريق المؤهل إلى الجنة،
 فلابد أن يكون تحصيله بمجهودٍ عظيم، وتضحيةٍ ثمينة؛
وكيف لا والمكارم منوطة بالمكاره، والسعادة لا يعبر إليها إلا على جسرٍ من التعب؟!
وقد أرشد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن سلوك طريق الآخرة بصفة عامة صعبٌ، وأن تحصيل الآخرة متعسرٌ لا يحصل إلا بسعي حثيث،
فقال -كما روى أبو هريرة رضي الله عنه : "أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَاليةٌ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ"
وعلى هذا السياق روى الإمام مسلم في صحيحه  أنه قال:
"لاَ يُسْتَطَاعُ الْعِلْمُ بِرَاحَةِ الْجِسْمِ" .
ويقول الإمام النووي رحمه الله في وصفه لطالب العلم:
"ينبغي أن يكون حريصًا على التعلم،
مواظبًا عليه في جميع أوقاته، ليلاً ونهارًا، وسفرًا وحضرًا،
ولا يُذهب من أوقاته شيئًا في غير العلم إلا بقدر الضرورة، لأكل ونوم قدرًا لابد له منه ونحوهما، كاستراحة يسيرة لإزالة الملل، وشبه ذلك من الضروريات،
 وليس بعاقل من أمكنه درجة ورثة الأنبياء ثمَّ فوتها!!"
ويقول ابن القيم رحمه الله:
"وأما سعادة العلم فلا يورثك إياها إلا بذل الوسع، وصدق الطلب، وصحة النية" .

وقال ابن الجوزي : "قال بعض الفقهاء: بقيت سنين أشتهي الهريسة ولا أقدر على شرائها؛ لأن وقت بيعها وقت سماع الدرس!!" .

صبر الإمام أحمد على العلم

ولما رأى أحد أصحاب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله جهده ومثابرته سأله قائلاً:
إلى متى تستمر في طلب العلم، وقد أصبحت إمامًا للمسلمين وعالمًا كبيرًا؟!
فقال له: "مع المحبرة إلى المقبرة"!
ومعنى ذلك أنه سيستمر في طلب العلم إلى أن يموت ويدخل القبر،
رغم أنه لم يكن في عصره من هو أحفظ منه لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى إنهم لَقَّبوه: "إمام السنة وفقيه المحدثين".

الصبر على طلب العلم - د/راغب السرجاني - موقع قصة الإسلام



الصبر على طلب العلم للشيخ فلاح مندكار :
      


6- التواضع والسكينة ونبذ الخيلاء والكبر:

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
(تعلّموا العلم، وتعلّموا له السكينةَ والوقار، وتواضعوا لمن تعلّمون، وليتواضع لكم من تعلِّمون،
ولا تكونوا جبابرة العلماء، ولا يقوم علمكم مع جهلكم)  .

وكتب الإمام مالك إلى الرشيد:
"إذا علمت علماً فليُرَ عليك أثره وسكينته وسمته ووقاره وحلمه"

7- الهمة في طلب العلم:

لتكن همتك في طلب العلم عالية ؛ فلا تكتفِ بقليل العلم مع إمكان كثيره،
ولا تقنع من إرث الأنبياء - صلوات الله عليهم - بيسيره،
ولا تركن إلى الكسل والتواني ولا تسوّف ،
واجعل قدوتك العلماء العاملين الذين جدوا وتسابقوا في هذا الميدان.
ولا تؤخر تحصيل فائدة تمكنت منها ولا يشغلك الأمل والتسويف عنها؛ فإن للتأخير آفات، ولأنك إذا حصلتها في الزمن الحاضر؛ حصل في الزمن الثاني غيرها
واغتنم وقت فراغك ونشاطك، وزمن عافيتك، وشرخ شبابك، ونباهة خاطرك، وقلة شواغلك، قبل عوارض البطالة أو موانع الرياسة
وينبغي لك أن تعتني بتحصيل الكتب المحتاج إليها ما أمكنك؛
لأنها آلة التحصيل، ولا تجعل تحصيلها وكثرتها (بدون فائدة) حظك من العلم، وجمعها نصيبك من الفهم،
بل عليك أن تستفيد منها بقدر استطاعتك
    
8- التواضع والسكينة ونبذ الخيلاء والكبر:

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
(تعلّموا العلم، وتعلّموا له السكينةَ والوقار، وتواضعوا لمن تعلّمون، وليتواضع لكم من تعلِّمون،
ولا تكونوا جبابرة العلماء، ولا يقوم علمكم مع جهلكم)  .

وكتب الإمام مالك إلى الرشيد:
"إذا علمت علماً فليُرَ عليك أثره وسكينته وسمته ووقاره وحلمه"

9-الهمة في طلب العلم:

لتكن همتك في طلب العلم عالية ؛ فلا تكتفِ بقليل العلم مع إمكان كثيره،
ولا تقنع من إرث الأنبياء - صلوات الله عليهم - بيسيره،
ولا تركن إلى الكسل والتواني ولا تسوّف ،
واجعل قدوتك العلماء العاملين الذين جدوا وتسابقوا في هذا الميدان.
ولا تؤخر تحصيل فائدة تمكنت منها ولا يشغلك الأمل والتسويف عنها؛ فإن للتأخير آفات، ولأنك إذا حصلتها في الزمن الحاضر؛ حصل في الزمن الثاني غيرها
واغتنم وقت فراغك ونشاطك، وزمن عافيتك، وشرخ شبابك، ونباهة خاطرك، وقلة شواغلك، قبل عوارض البطالة أو موانع الرياسة
وينبغي لك أن تعتني بتحصيل الكتب المحتاج إليها ما أمكنك؛
لأنها آلة التحصيل، ولا تجعل تحصيلها وكثرتها (بدون فائدة) حظك من العلم، وجمعها نصيبك من الفهم،
بل عليك أن تستفيد منها بقدر استطاعتك

آداب طالب العلم - إبراهيم العثمان - ملتقى أهل الحديث





10- اختيار الصاحب:
احرص على اتخاذ صاحب صالح في حاله، كثير الاشتغال بالعلم، جيد الطبع،
يعينك على تحصيل مقاصدك ، ويساعدك على تكميل فوائدك ، وينشطك على زيادة الطلب ،
ويخفف عنك الضجر والنصب ، موثوقاً بدينه وأمانته ومكارم أخلاقه ، ويكون ناصحاً لله غير لاعبٍ ولا لاه ."  
وإياك وقرين السوء؛ فإن العرق دساس، والطبيعة نقالة، والطباع سراقة،
والناس كأسراب القطا مجبولون على تشبه بعضهم ببعض،
فاحذر معاشرة من كان كذلك فإنه المرض، والدفع أسهل من الرفع

قال ابن جماعة الكناني:
"الذي ينبغي لطالب العلم أن لا يخالط إلا من يفيده أو يستفيد منه...
فإن شرع أو تعرض لصحبة من يضيع عمره معه ولا يفيده ولا يستفيد منه ولا يعينه على ما هو بصدده
فليتلطّف في قطع عشرته من أول الأمر قبل تمكّنها، فإن الأمور إذا تمكّنت عسرت إزالتها"

آداب طالب العلم - إبراهيم العثمان - ملتقى أهل الحديث 




 11-التفرغ والمحافظة على الأوقات:

وذلك بأن لا يضيع شيئاً من أوقات عمره في غير ما هو بصدده من العلم والعمل إلا بقدر الضرورة ،
وقد كان بعضهم لا يترك الاشتغالَ بالعلم لعروض مرض خفيف أو ألم لطيف ،
بل كان يستشفي بالعلم ، ويشتغل به بقدر الإمكان .

والوقت نعمة إلهية تستوجب منا الشكر ،
قال تعالى في سورة إبراهيم :
( ...وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ {33} وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ {34}) .

ففي هذه الآيات الكريمة يمتن تعالى على عباده بجملة من نعمه التي لا تحصى ،
ومن هذه النعم نعمة الليل والنهار الذي يدور الوقت حولهما ويقوم عليهما، وكثير من الناس يغفلون عن هذه النعمة مع جلائها ،

قال تعالى في سورة النحل
وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ {12) ).

ومن هنا تتجلى لنا تلك النعمة الإلهية التي غفل عن شكرها الغافلون ،
وتنافس في تبديدها وإهدارها البطالون المبطلون ،

وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال:
 ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ) رواه البخاري  عن ابن عباس رضي الله عنهما .

وقوله ( مغبون ) من الغبن وهو النقص، وقيل: الغبن وهو ضعف الرأي .
 ( الصحة ) في الأبدان.
 ( الفراغ ) عدم ما يشغله من الأمور الدنيوية .‏

فعلى المؤمن العاقل أن يجدّ في شكر المنعم على نعمة الوقت وأن يوظفه في كل مفيد نافع .
والوقت أمانة ومسئولية سيسأل عنها الإنسان يوم العرض على الله ،

قال صلى الله عليه وسلم:
لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن أربع عن عمره فيم أفناه ، وعن شبابه فيم أبلاه ، وعن ماله من أين أكتسبه وفيم أنفقه ، وعن علمه ماذا عمل به) رواه الترمذي وقال: حسن صحيح 

والوقت من أغلى ما يمتلكه الإنسان ، فالوقت هو الحياة ، وهو رأس مال الإنسان ، وإذا ضيعه فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن يستردّه ،
 وشبهه بعض العقلاء بالذهب ، ولكنه أغلى وأنفس من كل نفيس ؛ لأنه جزء من كيان الإنسان ، لأنه أنفاسه المعدودة في هذه الحياة .

آداب طالب العلم - إبراهيم العثمان - ملتقى أهل الحديث 



علو الهمة في الطلب و التحصيل - الشيخ صالح آل الشيخ



12- حفظ العلم بالمذاكرة والكتابة 

على طالب العلم مذاكرته وكتابة مااستفاده
وقد قيل :
إحياء العلم مذاكرته
            فأدم للعلم مذاكرته

ولقد كان سلفنا الصالح يتواصون بمذاكرة العلم ،

يقول أحدهم:
مذاكرة ليلة أحب إلي من إحيائها.
يعني : جلوسي في هذه الليلة أتذكر العلم وأتذكر ما حفظته أحب إلي من أن أقومها قراءة وتهجدا وصلاة وركوعا وسجودا 

وينبغي على طالب العلم كلما استفاد فائدة أثبتها معه في دفتر أو ورقة وكررها إلى أن يحفظها 

يقول العلماء :
إن ما حفظ فر وما كتب قر " ،

أي أن ما كتبته ستجده فيما بعد

ويشبهون العلم بالصيد،
فيقول بعضهم
العلم صيد والكتابة قيده **
        فاحفظ لصيدك قيده أن يفلت

 13- الدعوة إلى الله تعالى والاجتهاد في نشر العلم

فيوظف هذا العلم في الدعوة إلى الله تعالى على هدى وبصيرة

قال تعالى: ( قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) {108}

فالداعية لا بد وأن يستغل كل مناسبة ويدعو إلى تعالى في شتى الميادين
في المسجد وفي المدرسة وفي المعهد وفي السوق وفي الأعياد والمناسبات ،

ولقد حث الرسول صلى الله عليه وسلم على نشر العلم ورغبنا فيه

فعَن أنس بْن مالك رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُول اللّه صَلى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّمْ:
(نضّر اللّه عَبْدا سمع مقَالَتي فوعاها، ثُمَّ بلغها عَنْي.
فرب حامل فقه غَيْر فقيه.
ورب حامل فقه إِلَى من هُوَ أفقه منه) رواه ابن ماجه.

آداب طالب العلم - ابراهيم العثمان - ملتقى أهل الحديث





 من آداب الطلب الزهد والورع

14-قلة الطعام

من أعظم الأسباب المعينة على الاشتغال والفهم وعدم الملال أكل القدر اليسير من الحلال.

قال الشافعي رضي الله عنه:
ما شبعت منذ ست عشرة سنة، وسبب ذلك أن كثرة الأكل جالبة لكثرة الشرب،
وكثرته جالبة للنوم والبلادة وقصور الذهن وفتور الحواس وكسل الجسم،
هذا مع ما فيه من الكراهية الشرعية والتعرض لخطر الأسقام البدنية...

15-قلة النوم

أن يقلل نومه ما لم يلحقه ضرر في بدنه وذهنه،
ولا يزيد في نومه في اليوم والليلة على ثمان ساعات وهو ثلث الزمان، فإن احتمل حاله أقل منها فعل.

ولا بأس أن يريح نفسه وقلبه وذهنه وبصره إذا كلّ شيء من ذلك أو ضعف بتنزه وتفرج في المستنزهات بحيث يعود إلى حاله ولا يضيع عليه زمانه.

ولا بأس بمعاناة المشي ورياضة البدن به فقد قيل إنه ينعش الحرارة ويذيب فضول الأخلاط وينشط البدن.

16- الورع

أن يأخذ نفسه بالورع في جميع شأنه ويتحرى الحلال في طعامه وشرابه ولباسه ومسكنه وفي جميع ما يحتاج إليه هو وعياله

ليستنير قلبه ويصلح لقبول العلم ونوره والنفع به،
ولا يقنع لنفسه بظاهر الحل شرعًا مهما أمكنه التورع ولم تلجئه حاجة أو يجعل حظه الجواز بل يطلب الرتبة العالية.

ويقتدي بمن سلف من العلماء الصالحين في التورع عن كثير مما كانوا يفتون بجوازه، 
وأحق من اقتدى به في ذلك سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
حيث لم يأكل التمرة التي وجدها في الطريق خشية أن تكون من الصدقة مع بُعد كونها منها،
ولأن أهل العلم يقتدى بهم ويؤخذ عنهم فإذا لم يستعملوا الورع فمن يستعلمه.

وينبغي له أن يستعمل الرخص في مواضعها عند الحاجة إليها ووجود سببها ليقتدي بهم فيه،
"فإن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه".

الحافظ ابن جماعة 



كيفية الدعوة الى الله في هذا الزمان - الشيخ نبيل العوضي :