صفات العبد الرباني


من هو الرباني ؟

إن الربانية منسوبة إلى "الرب" 

وقد ذكرت هذه النسبة إلى الرب في القرآن الكريم في أربعة مواطن هي :

{وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ، وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِين}
 [آل عمران: 146-147]. 

يقول ربنا : {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ، وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ}
[آل عمران :79-80]. 

وقال تعالى: {لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ} [المائدة: 63]،

 وقال الله: {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا...} [المائدة: 44].

 هذه الآيات كلها في صفات الربانيين. سنقف بإذن الله وقفة مختصرة مع صفات العبد الرباني .

صفات العبد الرباني

أول صفة: أن يتعلق قلبك بالله، وكما قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

"ولا تصح عبوديته ما دام لغير الله فيه بقية"،
يطهر قلبك حتى لا يبقى فيه غير الله.
قال الفضيل بن عياض لرجل:

"لأعلمنك كلمة هي خير من الدنيا وما فيها،
والله لئن علم الله منك إخراج الآدميين من قلبك حتى لا يبقى في قلبك مكان لغيره،
لم تسأله شيئا إلا أعطاك".

تعلق القلب بالله..
صفة الربّاني،
فهو ليس عبدًا للمال، ولا عبدًا للناس، ولا عبدًا للنساء،
ولا عبدًا للشهوات، ولا عبدًا للمنصب والجاه،
ولا عبدًا لمن يدعوه ويرتبط به،

إنما هو عبدٌ لله وحده.. وحده.. وحده.

خطبة كيف تكون ربانيا ؟ - محمد حسين يعقوب 
من صفات العبد الرباني

الصفة الثانية :أنه من أهل العلم

{كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ}
[آل عمران: 79]،
فهو يدرس العلم ويعلمه.
عالمٌ مُعلم، مُربىٍّ مُربًا،
طالب علمٍ داعية، شيخٌ تلميذ، هو يعيش العمر يطلب العلم.

خرج الإمام أحمد قبل صلاة الصبح يطلب مجلس أحد المشايخ
فقيل له:
"إلى متى تطلب العلم؟!"، 

قال: "المحبرة إلى المقبرة" . 

الصفة الثالثة: صابرٌ  

صابر.. صبور، يواجه المكايد والمناكد وهو كالجبل الراسخ،

 قال الله الملك -ذو الجلال- العلي سبحانه:
{وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 146] 

صفتهم الصبر؛
الصبر أمام فتنة الدنيا،
الصبر على الفقر،
والصبر على أذى الجيران ومن حوله

سِمتُهم الصبر، الصبر الطويل والصبر الجميل؛ صبر بلا ضجر


الصفة الرابعة :التأله والتنسك

صفة العبد الرباني أنه عابد، ناسك، متأله، مخبت، خاشع، منكسر لله، ذليل، مقبل، متواضع.

إنه لا يفتر لسانه عن الذكر،
ولا عقله عن التفكر،
ولا قلبه عن حفظ القرآن،
ولا جسده عن القيام في العبادة،
ولا لسانه عن بذل الخير للخلق.

تجده في هداية الخلق عامل، وفي إصلاح الخلق وخدمة المسلمين مسارع.

 الصفة الخامسة :العبد الرباني غيورٌ لله

قال تعالى: {لَوْلاَ يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَن قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ} [المائدة: 63]،

العبد الرباني غيور على محارم الله،
كان رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لا يغضب لنفسه قط، فإذا انتُهكت حرمات الله لم يَقُم لغضبه شيء.


خطبة كيف تكون ربانيا ؟ - محمد حسين يعقوب

من صفات العبد الرباني

الصفة السادسة :يقيم شرع الله

الربانيون يحكمون بما أنزل الله ويقيمون شرع الله،

ففي قول ربنا : {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ} [المائدة: 44].
فهؤلاء الربانيون يحكمون بما أنزل الله، هؤلاء الربانيون يقيمون شرع الله.

ودومًا، إذا تكلمنا عن الحكم بما أنزل الله انصرفت الأذهان مباشرة إلى الحاكم،
دعك من هذا، فليس من شأننا، شأنه! إنما شأني أنت يا من تجلس أمامي، هل أنت تقيم حكم الله وشرعه في نفسك وفي من تعول؟

هل أنت تقيم حكم الله وشرعه في نفسك وأعمالك وأحوالك ومعاملاتك وبيتك ومن تستطيع أن تحكم فيهم؟

تلكم البداية الصحيحة، من عند نفسك، إن الذي يتحدث عن التغيير في كل شيء إلا من عند نفسه لن يغير شيئًا على الإطلاق.

السابعة: أنهم حفظة شهداء 

{يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: 44].  

فهم حفظة لكتاب الله يحفظون المصحف، يحملون بين جنباتهم القرآن،
ثم هم عليه شهداء.. يا أمة محمد أخرجكم الله شهداء على الناس
{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء} [البقرة: 143] 
العبد الرباني قائم بحدود الله،
عفيف عن أموال الناس،
عفيف العين عن النظر إلى ما عندهم،
عفيف اللسان عن الرد عليهم والبطش بهم،
عفيف القلب عن اشتهاء غير ما قُسِم له،

العبد الرباني عبدٌ أبصر الحق فهو يسير به، فهو شهيدٌ له، شهيدٌ به، شهيدٌ عليه.

أسأل الله أن يجعلنا وإياكم من الربانيين...

خطبة كيف تكون عبدا ربانيا؟- محمد حسين يعقوب