القاعدة الثالثة

 

أسماء الله تعالى أعلام وأوصاف

أعلام باعتبار دلالتها على الذات،
وأوصاف باعتبار ما دلت عليه من المعاني،

 وهى بالاعتبار الأول ( أعلام ) مترادفة لدلالتها على مسمى واحد، وهو الله عز وجل،

وبالاعتبار الثاني ( أوصاف ) متباينة، لدلالة كل واحد منهما على معناه الخاص.

 "الحي، العليم، القدير، السميع، البصير، الرحمن، الرحيم، العزيز، الحكيم" كلها أسماء لمسمى واحد وهو الله سبحانه وتعالى،

 لكن معنى "الحي" غير معنى "العليم"،
ومعنى "العليم" غير معنى "القدير"، وهكذا.

هذه قاعدة جليلة يؤخذ منها أن كل اسم من أسماء الله سبحانه وتعالى يدل على صفة من صفاته،

وهذا معنى قولنا: إن أسماء الله سبحانه وتعالى مشتقة، فهي مشتقة من معانٍ وهذا من غاية الحسن.

 مثال
 قوله تعالى: {وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [يونس:107]

فالغفور يتضمن  صفة المغفرة،
والرحيم يتضمن  صفة الرحمة،
وقوله تعالى: {وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ} [الكهف:58]

يدل على أن الرحيم هو صاحب الرحمة

 فإن الآية الثانية دلت على أن الرحيم هو المتصف بالرحمة

شرح القواعد المثلى - عبدالرحيم السلمي 




وجه العلمية والوصفية في أسماء الله

ماذا يقصد بأعلام؟
أعلام جمع عَلَم،
وهو الذي يُعين مسماه مطلقاً من غير قرينة،
وإذا نظرت إلى علم الدولة تعلم معنى هذا جيداً، فهو لا يحتاج إلى قرينة لتعرف أن هذا العلم يدل على دولة معينة،
فكذلك أسماء الله أعلام باعتبار دلالتها على الذات: بمعنى أنك لما تسمع "سميع بصير" تعلم أن المتكلم يتكلم عن الله،
وأحسن مثل يضرب في هذا لما تسمع "الرحمن"، لما تسمع "الصمد"، لما تسمع "الأول والأخر"،
 مباشرة تعلم أن المقصود به ذات الله عز وجل.

وأيضا أسماء الله تعالى أوصاف بمعنى أنها تدل على صفة قائمة في الذات،

فالاسم له دلالة من حيث العَلَمِية على الذات ومن حيث الوصفية على النعت.
فتنظري إلى الاسم بصورتين:

الرحيم هو مَن؟
الله لما يدل على الذات .

الرحيم هو مَن؟
هو صاحب الرحمة.

فدلت على العَلَم ودلت على الوصف.

إذن اعلمي أن أسماء الله أعلام وأوصاف،
وأسماء غير الله أعلام فقط ما عدا أسماء النبي صلى الله عليه وسلم وأسماء القرآن.

 محاضرات شرح القواعد المثلى - أ. أناهيد السميري.





الأدلة على أن أسماء الله تتضمن صفات

هناك دليلان على أن أسماء الله سبحانه وتعالى تتضمن صفات:

الدليل الأول: أن الله سبحانه وتعالى وصف أسماءه بأنها حسنى،

ومعنى حسنى: أي أنها تدل على معان حسنى، وتدل على صفات حسنى،
والأسماء الجامدة التي لا معاني لها ليست بحسنة،
ومن هنا فكل اسم من أسماء الله عز وجل يتضمن صفة من صفاته، 

قال الله عز وجل: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف:180]،

الدليل الثاني: وقد ذكره المصنف (ابن عثيمين)  وهو قوله:

 (وإنما قلنا بأنها أعلام وأوصاف لدلالة القرآن عليها، فإن الإنسان وهو يقرأ أسماء الله في القرآن يقرأ أيضاً صفات لله عز وجل مطابقة لهذه الأسماء).
مثال 
 أن من أسماء الله سبحانه وتعالى "القوي العزيز"،

ويقول الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات:58]،
فمن صفاته أنه ذو القوة،
ومن أسمائه القوي،
 فهذا دليل على أن اسمه القوي يتضمن صفته القوة.

وأما العزيز فيقول الله عز وجل:
{فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا} [فاطر:10]،  فاسمه العزيز يتضمن صفة العزة.

وهذه الأدلة التي سقناها تدل على القاعدة التي ذكرها المصنف، وهو:
أن كل اسم من أسماء الله يتضمن صفة من صفات الله سبحانه وتعالى.

كما ذكر دليلاً ثالثاً، : وهو إجماع أهل اللغة والعرف أنه لا يطلق عليم إلا لمن له علم،
ولا يطلق: قدير إلا لمن له قدرة، ولا سميع: إلا لمن له سمع، ولا بصير: إلا لمن له بصر،
وهذا أمر أوضح من أن يحتاج إلى دليل.

وهناك دليل واضح أيضاً: وهو أننا نجد في الموجودات مقدورات ومعلومات،
وهذه المقدورات تدل على قدرة، وهذه المعلومات تدل على علم، فالمقدورات والمعلومات الموجودة دليل على وجود القدرة والعلم عند الباري سبحانه وتعالى، وأنها مأخوذة من اسمه العليم القدير...

شرح القواعد المثلى - عبدالرحيم السلمي 




أوجه الفرق بين الاسم والصفة والخبر

ما يطلق على الله عز وجل ثلاثة أمور:
الأول: الاسم.
الثاني: الصفة.
الثالث: الخبر.

وبين هذه الثلاثة الأمور فروق يمكن أن نذكر شيئاً منها.
أما الاسم
 فهو ما يدل على ذات الله سبحانه وتعالى مع دلالته على صفة الكمال،

وأما الصفة
فإنها التي تدل على معنى يقوم بذات الله سبحانه وتعالى،
ومن هنا نلاحظ أن الاسم يدل على أمرين، والصفة تدل على أمر واحد.

فالأمران الأولان اللذان يدل عليهما الاسم: دلالته على الذات ودلالته على صفة يحملها هذا الاسم،
وأما الصفة فإنها تدل على أمر واحد وهو مجرد الوصف، هذا من جهة.

ومن جهة أخرى
فإن الاسم هو الذي يعبَّد له، فيقال في الرحمن عبد الرحمن، ويقال في العزيز عبد العزيز، ويقال في الكريم عبد الكريم،
لكن الصفة لا يعبد لها، فلا يقال في الرحمة مثلاً: عبد الرحمة، ولا يقال: عبد المُلك، وعبد العزة.

ومن جهة أخرى، فالاسم هو العلم في اللغة، والصفة هي المصدر،
فمثلاً العزيز علم،
وأما العزة فهي المصدر.

وأما الخبر
فهو ما يطلق على الله عز وجل بغير توقف،
كأن يقال: إن الله سبحانه وتعالى واجب الوجود مثلاً، أو إن الله سبحانه وتعالى قديم أزلي، وهذه الألفاظ لم ترد في السنة ولم ترد في القرآن،

لكن يصح إطلاقها على الله عز وجل من باب الخبر،

وأهم شيء ألا يدل هذا اللفظ على نقص أو ذم، وإنما يدل على معنى حسن أو على أقل تقدير لا يجوز على معنى سيئ،

فيقال مثلاً: الله عز وجل شيء موجود، ويمكن أن يقال: واجب الوجود،

ولهذا هناك قاعدة، وهي
أن باب الخبر واسع،
وباب الصفات أضيق منه،
وباب الأسماء أضيق من باب الصفات.

ومن جملة الفروق بين الأسماء والصفات من جهة وبين الخبر من جهة أخرى،

هو أن الأسماء والصفات توقيفية، يعني: مبنية على النص من القرآن ومن السنة،
بينما الخبر ليس مبيناً على النص، لكنه مبني على المعنى الصحيح الثابت لله سبحانه وتعالى، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى
فإن الاسم يدعى به؛
فيقال: يا عزيز يا كريم،
لكن ما يخبر به عن الله لا يدعى به، فلا يقال: يا واجب الوجود مثلاً.

كما أن الأسماء والصفات جميعاً قد بلغت الغاية في الحسن،
بينما الأخبار لا يشترط أن تكون حسنة بمعنى: لا يشترط أن تكون أحسن ما يكون من الألفاظ، وإنما أهم شيء أن تدل على المعنى بغير تضمن للنقص وللإساءة، وإنما تدل على المعنى الصحيح،

مثل الموجود فيصح أن يحكى عن الله عز وجل بأنه موجود، بينما كلمة موجود لا تتضمن مدحاً ولا تتضمن معنى حسناً،
لكن يصح أن يخبر عن الله عز وجل بها،

ويصح ترجمة أسماء الله لغير العرب وتقريب معانيها إلى أفهامهم بألفاظ ليست واردة في القرآن وليست واردة في السنة مادامت دلت على معنى صحيح...
شرح القواعد المثلى - عبدالرحيم السلمي 




أنواع الصفات التي تتضمنها أسماء الله تعالى

الصفات التي تتضمنها أسماء الله تعالى أربعة أنواع:

النوع الأول: ما يرجع إلى صفات معنوية،
فالعليم يؤخذ منه صفة معنوية وهي العلم،
والقدير والسميع يؤخذ منهما صفة القدرة وصفة السمع وكلاهما صفتان معنويتان.

النوع الثاني: ما يرجع إلى أفعال الله سبحانه وتعالى،
فاسمه الخالق يدل على صفة الخلق،
واسمه الرازق يدل صفة الرزق وهي من الأفعال،
واسمه المحيي المميت يدل على صفة الإحياء والإماتة وهي من أفاعله سبحانه وتعالى.

النوع الثالث: ما يرجع إلى التنزيه والتقديس المحض،
وهذا مثل القدوس، فإن القدوس هو المنزه عن كل عيب.

والنوع الرابع: هو ما يدل على جملة أوصاف متعددة، وليس له معنى واحد فقط، وإنما يدل على معانٍ متعددة
مثل العظيم، فهو العظيم في كل شيء: العظيم في خلقه العظيم في أمره
ومثله المجيد، والصمد، ونحو ذلك...

شرح القواعد المثلى - عبدالرحيم السلمي 




شرح أسماء الله الحسنى أعلام و أوصاف (الجزء الثاني) للشيخ عبد الرزاق البدر