حرمة الإلحاد في أسماء
الله الحسنى
إن الإلحاد في أسماء
الله الحسنى محرم ومذموم،
والدليل على ذلك قول
الله سبحانه وتعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا
الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}
[الأعراف:180]،
↙وموطن الشاهد هو قوله:
{وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا
يَعْمَلُونَ}،
والإلحاد في اللغة: هو
الميل،
وأما الإلحاد في
الأسماء الحسنى فهو الميل بها عما يجب فيها، أو العدول بها وبحقائقها ومعانيها عن
الحق الثابت لها.
والإلحاد المراد به في
هذه القاعدة ليس المقصود به إنكار وجود الله،
وإنما المقصود به
الابتداع والانحراف في أسماء الله سبحانه وتعالى بكل الأنواع،
♦أنواع الإلحاد في
أسماء الله♦
النوع الأول:
إنكار شيء منها أو مما
دلت عليه من الصفات
أن ينكر شيئاً من
أسماء الله سبحانه وتعالى،
أو مما دلت عليه من
الصفات والأحكام، كما فعل أهل التعطيل من الجهمية وغيرهم وهذا نوع من الإلحاد.
↩وإنما كان ذلك إلحاداً
لوجوب الإيمان بها، وبما دلت عليه من الأحكام والصفات اللائقة بالله، فإنكار شيء
من ذلك ميل بها عما يجب فيها،
النوع الثاني: جعل
أسماء الله دالة على صفات تشابه صفات المخلوقين
↩وذلك لأن التشبيه
معنىً باطل لا يمكن أن تدل عليه النصوص، بل هي دالة على بطلانه فجعلها دالة عليه
ميل بها عما يجب فيها.
مثال
المشبهة عندما يقرءون
مثلاً: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:5]، يقولون: نثبت اسم (الرحمن)
ثم ما يتضمنه (الرحمن) من صفة وهي الرحمة، يجعلونها مشابهة لرحمة المخلوق،
↩فيجعلون الله عز وجل
مشابهاً للمخلوق فيما تضمنته أسماء الله سبحانه وتعالى، وكذلك العزة، وكذلك العلم،
وكذلك القدرة، وكذلك غيرها من صفات الله سبحانه وتعالى يجعلونها مشابهة للمخلوق.
شرح القواعد المثلى - عبدالرحيم السلمي
النوع الثالث: أن يسمى الله
سبحانه وتعالى بما لم يسمّ به نفسه كتسمية النصارى لله عز وجل (الأب) وتسمية
الفلاسفة لله عز وجل(بالعلة الفاعلة).
و مثل أهل الكلام
عندما سموا الله عز وجل: (القديم)، ولم يرد هذا الاسم من أسماء الله سبحانه
وتعالى،
↩وإن كان معناه قد يكون
صحيحاً لو أخبر به، لكن كونه اسماً لله عز وجل لم يرد في ذلك نص في الكتاب ولا في
السنة.
النوع الرابع: أن يشتق
من أسماء الله أسماء للأصنام
مثال ذلك:
ما فعله المشركون،
فإنهم سموا العزى أخذاً من اسم الله (العزيز)، وسموا اللات أخذاً من (الإله) أو من
(الله) على أحد القولين،
وهذا يدل على أنه إذا
سمي المخلوق باسم من أسماء الله، أو أخذ معناه الخاص لمخلوق فهذا إلحاد في أسماء
الله تعالى.
شرح القواعد المثلى -
عبدالرحيم السلمي
احترام أسماء الله عز
وجل
أنواع أسماء الله
تعالى
إن من أسماء الله ما
يختص به:
مثل الله، الرحمن، رب
العالمين، وما أشبه ذلك،
ومنها ما لا يختص به،
مثل: الرحيم، السميع،
العليم،
قال تعالى: {إِنَّا
خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ
سَمِيعاً بَصِيراً} [الإنسان:2] ،
وقال تعالى عن النبي
صلى الله عليه وسلم {بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: من الآية128] .
الواجب علينا تجاه
أسماء الله
يجب علينا احترام
أسماء الله؛
↩لأن احترامها احترام
لله عز وجل، ومن تعظيم الله عز وجل،
فلا يسمى أحد باسم
مختص بالله، وإن سمي وجب تغييره
مثل: الله، الرحمن، رب
العالمين، وما أشبه ذلك.
وإن كان الاسم
مما يصح أن يسمى به غير الله;
مثل: الرحيم، والسميع،
والبصير،
↩فإن لوحظت الصفة منع
من التسمي به،
↩وإن لم تلاحظ الصفة
جاز التسمي به على أنه علم محض.
الدليل على النوع
الأول
عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ:
أَنَّهُ كَانَ يُكْنَى أَبَا الْحَكَمِ
فَقَالَ لَهُ
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ اللهَ هُوَ الْحَكَمُ وَإِلَيْهِ الْحُكْمُ)).
فَقَالَ: إِنَّ
قَوْمِي إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَتَوْنِي فَحَكَمْتُ بَيْنَهُمْ فَرَضِيَ
كِلاَ الْفَرِيقَيْنِ.
فَقَالَ: ((مَا
أَحْسَنَ هَذَا، فَمَا لَكَ مِنَ الْوَلَدِ؟))
قُلْتُ: شُرَيْحٌ
وَمُسْلِمٌ وَعَبْدُ اللهِ.
قَالَ: ((فَمَنْ
أَكْبَرُهُمْ؟))
قُلْتُ: شُرَيْحٌ.
قَالَ: ((فَأَنْتَ
أَبُو شُرَيْحٍ))رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ.
قوله: " فأنت أبو
شريح": غيّره النبي صلى الله عليه وسلم لأمرين:
الأول: أن
"الحكم" هو الله، فإذا قيل: يا أبا الحكم! كأنه قيل: يا أبا الله!
الثاني: أن هذا الاسم،
الذي جعل كنية لهذا الرجل، لوحظ فيه معنى الصفة وهي الحكم؛
↩ فصار بذلك مطابقا لاسم
الله، وليس لمجرد العلمية المحضة،
بل للعلمية المتضمنة
للمعنى،
⤴وبهذا يكون مشاركا لله
- سبحانه وتعالى - في ذلك، ولهذا كناه النبي صلى الله عليه وسلم بما ينبغي أن يكنى
به.
وأما ما لا يختص
بالله; فإنه يسمى به غير الله إذا لم يلاحظ معنى الصفة،
بل كان المقصود مجرد
العلمية فقط؛
↩لأنه لا يكون مطابقا
لاسم الله،
ولذلك كان في الصحابة
من اسمه "الحكم"، ولم يغيره النبي صلى الله عليه وسلم؛
↩لأنه لم يقصد إلا
العلمية، وفي الصحابة من اسمه "حكيم"وأقره النبي صلى الله عليه وسلم.
فالذي يحترم من أسمائه
تعالى ما يختص به، أو ما يقصد به ملاحظة الصفة.
القول المفيد على كتاب
التوحيد - ابن عثيمين
بدائع الفوائد : أنواع الالحاد في أسماء الله و صفاته