من آثار اسم ( الله
) وموجباته على العبد
إذا عرف المؤمن معنى
هذا الاسم العظيم وما يستلزم من الأسماء الحسنى والصفات العلا لله تعالى فإنه يطبع
في القلب معاني عظيمة وآثارًا جليلة من أهمها:
محبة الله - عز وجل -
محبة عظيمة تتقدم على محبة النفس، والأهل، والولد، والدنيا جميعًا؛
↩لأنه المألوه المعبود
وحده وهو المنعم المتفضل وحده وهو الذي له الأسماء الحسنى،
↩وهو الذي له الخلق
والأمر والحمد كله وهذا
يستلزم محبة من يحبه الله
تعالى وما يحبه،
وبغض ما يبغضه سبحانه،
ومن يبغضه، والموالاة والمعاداة فيه. ولا يذوق طعم الإيمان إلا من أحب الله
- عز وجل - الحب كله وأحب فيه وأبغض فيه وهذا معنى قوله عليه الصلاة والسلام:
(ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان:
أن يكون الله ورسوله
أحب إليه مما سواهما،
وأن يحب المرء لا يحبه
إلا لله،
وأن يكره أن يعود في
الكفر كما يكره أن يقذف في النار).
رواه البخاري
ولله المثل الأعلى.
لو أن مخلوقًا تحلى
بصفات الكمال الإنسانية التي يحبها الناس ومع ذلك كان له نعمة ويد على أحد من
الناس فماذا سيكون شأن هذا المخلوق في قلوب هؤلاء الناس؟
لا شك أن المحبة
العظيمة، والأنس به، والتلذذ بمصاحبته ستكون هي المتمكنة من القلوب نحوه.
↩ وهذا بالنسبة لمخلوق
ضعيف محدود الزمان والمكان قاصر الأخلاق والصفات.
وما صدر منه من نعمة
فهي من الله - عز وجل - وهي محدودة قاصرة.
فكيف بمن له الأسماء
الحسنى والصفات العلا ؟
وكيف بمن نعمه مدرارة
على خلقه في كل نفس وزمان ومكان. ؟
أليس هو المستحق للحمد
كله، والحب كله،والخوف كله،والرجاء كله،وكل أنواع العبوديات المختلفة؟
بلى والله.
↩ولذا يجد العبد راحة
وطمأنينة عندما يدعو ربه - عز وجل - ويقول: (ياالله أو : اللَّهم)
حيث يسكب في نفسه
الأمان والرجاء.
ولله الأسماء الحسنى -
عبد العزيز الجليل
المحبة من آثار اسم
"الله"
يقول الشيخ السعدي
رحمه الله تعالى:
"وعباد الرحمن يألهونه
ويعبدونه، ويبذلون له مقدورهم بالتأله القلبي، والروحي، والقولي والفعلي، بحسب
مقاماتهم ومراتبهم،
فيعرفون من نعوته
وأوصافه ما تتسع قواهم لمعرفته،
ويحبونه من كل قلوبهم
محبةً تتضاءل جميعُ المحابِّ لها،
فلا يعارض هذه المحبة
في قلوبهم محبة الأولاد والوالدين وجميع محبوبات النفوس،
بل خواصهم جعلوا كل
محبوبات النفوس الدينية والدنيوية تبعًا لهذه المحبة،
فلما تمَّت محبة الله
في قلوبهم
أحبوا ما أحبه من
أشخاص وأعمال، وأزمنة، وأمكنة،
فصارت محبتهم وكراهتهم
تبعًا لإلههم وسيدهم ومحبوبه.
ولما تمَّت محبة الله
في قلوبهم التي هي أصل التأله والتعبد
أنابوا إليه فطلبوا
قُربه ورضوانه،
وتوسَّلوا إلى ذلك
وإلى ثوابه بالجد والاجتهاد في فعل ما أمر الله به ورسوله، وفي ترك جميع ما نهى
الله عنه ورسوله،
وبهذا صاروا محبِّين
محبوبين له،
وبذلك تحققت عبوديتهم
وألوهيتهم لربهم،
وبذلك استحقوا أن
يكونوا عباده حقًا، وأن يضيفهم إليه بوصف الرحمة
حيث قال: { وَعِبَادُ
الرَّحْمَنِ } [الفرقان: 63]،
↩ ثم ذكر أوصافهم
الجميلة التي إنما نالوها برحمته وتبوؤوا منازلها برحمته، وجازاهم بمحبته وقُربه
ورضوانه، وثوابه، وكرامته برحمته".
ولله الأسماء الحسنى - عبد العزيز الجليل
من آثار اسم ( الله )
وموجباته على العبد
تعظيمه سبحانه وإجلاله
وإخلاص العبودية له وحده من:
توكل، وخوف، ورجاء
ورغبة، ورهبة، وصلاة، وصيام، وذبح، ونذر، وغير ذلك من أنواع العبوديات التي لا
يجوز صرفها إلا له سبحانه.
الشعور بالعزة به
سبحانه والتعلق به وحده، وسقوط الخوف والهيبة من الخلق والتعلق بهم؛
فهو الله سبحانه خالق
كل شيء ورازق كل حي،
وهو المدبر لكل شيء،
والقاهر لكل شيء
↩فلا يعتز إلا به ولا
يتوكل إلا عليه.
وكم من بشر اعتزوا
بأموالهم فما لبثت أن ضاعت تلك الأموال فضاعوا،
وكم من بشر اعتزوا
بسلطانهم فجاءت النهاية بزوال سلطانهم فما كان منهم إلا أن قالوا:
{ مَا أَغْنَى عَنِّي
مَالِيهْ{28} هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيهْ{29} } الحاقة
فالمؤمن لا يحتمي ولا
يعتز إلا بالله العظيم القوي المتين، الكبير المتعال ولا يتوكل إلا عليه وحده:
{ وَتَوَكَّلْ عَلَى
الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ } [الفرقان: 58].
من أعظم آثار هذا
الاسم العظيم ومعرفته حق المعرفة↘
طمأنينة القلب وسعادته
وأنسه بالله - عز وجل -
وفي ذلك يقول شيخ
الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
"فإن اللذة والفرحة
وطيب الوقت والنعيم الذي لا يمكن التعبير عنه إنما هو في
معرفة الله - سبحانه
وتعالى -
وتوحيده والإيمان به،
وانفتاح الحقائق
الإيمانية والمعارف القرآنية،
كما قال بعض الشيوخ:
لقد كنت في حال أقول
فيها إن كان أهل الجنة في هذه الحال إنهم لفي عيش طيب.. .
وليس للقلوب سرور ولا
لذة تامة إلا في محبة الله والتقرب إليه بما يحبه ولا تمكن محبته إلا بالإعراض عن
كل محبوب سواه. وهذه حقيقة لا إله إلا الله".
إفراد الله - عز وجل -
بالمحبة والولاء وإفراده تعالى بالحكم والتحاكم.
قال الله تعالى: {
قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ }
[الأنعام: 14]،
وقال سبحانه: { أَفَغَيْرَ
اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ
مُفَصَّلًا } [الأنعام: 114].
بما أن لفظ الجلالة مستلزم لجميع الأسماء والصفات فإن من آثار هذا
الاسم العظيم↔آثار بقية أسمائه سبحانه وصفاته وكل أثر من آثار أسماء الله - عز وجل
- وصفاته إن هو إلا أثر لهذا الاسم العظيم ومن موجباته.
ولله الأسماء الحسنى -
عبد العزيز الجليل
مدار انتفاع العبد
باسم الله عزوجل
كلما زاد يقين العبد
بأن الله كامل الصفات، وأنه إذا قال: (يا الله)
نادى الله، ↔نادى مَن
له الكمال المطلق،
ومَن بيده الأمر كله،
ومَن هو على كل شيء
قدير.
⤴ فإذا امتلأ قلبه بذلك،
↩ كُشفت الكربات، نزلت
البركات، أُقيلت العثرات، اُستدفعت السيئات.
▪أما إذا دَعوت وقلت:
(يا الله) ↔وقلبك ما امتلأ اعتقادًا أنه كامل الصفات،
↩سيكون هذا مثل أي كلام
تقوله وقلبك غير ممتلئ به،
فأصبح مدار الانتفاع
باسم الله بل بكل الأسماء على ما قام في قلبك،
❤فإذا امتلأ قلبك يقينًا بأن كلمة (يا الله)، لفظ الجلالة (الله)
↔تعني لك أنه كامل الصفات،
تعني لك أنه: كامل
العلم، كامل القدرة، كامل الإطلاع، أنه محيط بك، أنه على كل شيء قدير، أن حالك
عنده معلوم، وأن فرجك بيده،
وكما قال ابن القيم:
"فماذكر هذا الاسم في قليل
إلا كثّره، ولا عند خوف إلاَّ أزاله، ولاعند كرب إلاَّ كشفه، ولا عند همٍّ وغمٍّ
إلا فرجه، ولا عند ضيق إلاَّ وسَّعَه، ولا تعلَّق به ضعيفٌ إلاَّ أفاده القوةَّ،
ولا ذليل إلا أناله العزة، ولا فقيرٍ إلا أصاره غنياً"
⤴كل هذا لما يقع في
قلبك ستكون كلمة (يا الله) مختلفة عما لو كان الإنسان ضعيفًا في اعتقاده،
↩ولذلك تجد العبد
يقول بلسانه: (يا الله)؛ لكن بوجدانه معلق بغير الله!
لماذا يتكلم الإنسان
بلسانه بشيء مختلف عما قام في قلبه؟
▪بسبب ضعف العلم عن
الله أو ضعف اليقين.
متى ينفعك اسم الله
على قدر ما قام في
قلبك من يقين، ↔ على قدر ما تنتفع من أسماء الله.
واليقين عبارة عن
علم
وانتفاع بتربية الله
لك.
فإذا اعتقدت أن الله
هو إلهك كامل الصفات،
لابد مع هذا الاعتقاد
أن تستعمل نفي هذه الصفات عن كل أحد غيره؛
↩وهذا معنى: لا إله إلا
الله
إذا كنت مؤمن حقيقةً
أن لا إله إلا الله، فهذا يعني↔ أنك معتقد بأن كل أوصاف الكمال موصوف بها الله،
وأيضًا منفية عن غير
الله؛
أي أنك تحتاج لأن تعيش
تحت ظل تفكيرين وهما:
1التفكير الأول: ضعف
الناس وعدم استحقاقهم لا للتعلق ولا للتعظيم ولا للرجاء ولا للوقوف عند بابهم ولا
لأي شيء، كل هذا يجب أن ينتفي عن الناس.
2يُقابله: لا رجاء لك
إلا بالله، لا متعلق ولا معظم في قلبك إلا الله،
فكل ما تعتقده من كمال
صفات في الله لابد أن تنفيه عن الناس.
شرح اسم
"الله" - أناهيد السميري